ما قبل العلاج بالقراءة
ما قبل العلاج بالقراءة
لأن تفشي الأمية الثقافية أخطر من أمية الأميين، ومن أجل خلق مجتمع قارئ تكون القراءة فيه صورة حضارية كباقي المجتمعات المتقدمة، وحتى لا تكون القراءة حكرًا على فئة بعينها، ولنكون أمة اقرأ بالقول والفعل، فلا بدَّ من الالتفات أولًا إلى الأسباب التي أدت إلى العزوف عن القراءة والعمل على علاج الأعراض التي سبَّبت هذا العزوف، وإلا نكون كمن يصف العلاج دون تشخيص الأعراض وعلاج الداء.
ومن أهم أسباب عزوف مجتمعاتنا عن القراءة: ابتعادنا عن القراءة نتيجة ابتعادنا عن العمل بتعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية اللذين يحثان على القراءة وطلب العلم والتفكر في آيات ومواضع عدة بدايةً من ﴿اقْرَأْ﴾ أول آية نزلت من القرآن ومرورًا بقوله (صلى الله عليه وسلم): “طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة”، وكذلك من أبرز هذه الأسباب اعتماد مناهجنا في التربية والتعليم على التلقين والحفظ، مما أدى إلى ابتعاد الطلاب عن القراءة والبحث بسبب اعتياد الكتاب المدرسي التقليدي.
وكذلك ابتعادهم عن مفهوم التعليم والتثقيف الذاتي، وأيضًًا ظهور وكثرة الوسائل التي تنافس الكتاب وتصرف عقول الشباب مثل الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي، وترسيخ العقلية الكروية بدلًا من العقلية القرائية نتيجة اهتمام المجتمع وتركيز وسائل الإعلام على نجوم الرياضة ومجالاتها، دون التركيز على المجالات الفكرية، وأيضًا غياب التشجيع على القراءة والاهتمام بها وسيطرة النزعة الغربية على المجتمع في الاهتمام بالجوانب المادية وحدها على حساب الجوانب الأخرى، وامتداد الغزو الثقافي الغربي ومحاولته هدم ثقافتنا وصرف العقول إلى ثقافة الميوعة والمادية، كما أن انخفاض دخل الأسر في مجتمعاتنا وارتفاع أسعار الكتب من مسببات العزوف عنها.
الفكرة من كتاب العلاج بالقراءة: كيف نصنع مجتمعًا قارئًا
لا يمكن أن تقام حضارة عظيمة دون العلم والمعرفة، والكتاب ما هو إلا الوعاء الذي يحتوي هذه المعرفة، ومن أجل خلق مجتمع حضاري متقدم تكون القراءة إحدى صوره الحضارية، ويأتي هذا الكتاب متناولًا بأفكاره التطبيقية الترويج لعادة القراءة على المستوى المجتمعي وليس الفردي فقط، والمستوى العام قبل الخاص، ينطلق لمعالجة ظاهرة ضعف الإقبال على الكتاب ويناقشها ويفنِّد أسبابها ويعالجها، بدايةً من دور الأسرة والمدرسة حتى مسؤولية الدولة في ذلك عبر طرح بعض الحلول التطبيقية لصناعة مجتمع يقرأ، ويمد يد العون والمساعدة لمن يريد أن يجعل من القراءة عادة ترتقي بها حياته وفكره.
مؤلف كتاب العلاج بالقراءة: كيف نصنع مجتمعًا قارئًا
حسن عبد العلي آل حمادة: كاتب سعودي من مواليد 1973، حصل على شهادة البكالوريوس في المكتبات والمعلومات من جامعة الملك عبد العزيز بجدة، شغل منصب رئيس مجلة “القرآن نور”، وعضو هيئة تحرير مجلة “الكلمة”، له العديد من الكتب والمقالات والحوارات والدراسات في صحف مختلفة، كما حاز جائزة القطيف للإنجاز في فرع الفكر والثقافة، وله حلقات عدة في برنامج “وما يسطرون”.
ومن مؤلفاته: “يسألونك عن الكتاب” و”مستقبل الثقافة الإسلامية في ظل ثورة المعلومات وتحديات العولمة”، و”أمة اقرأ لا تقرأ”.