حقيقة الأمر كما تعرفها

حقيقة الأمر كما تعرفها
الحقيقة التي يرتعب الإنسان من الاعتراف بها هي أنه لا وجود لما يسمى بتجاوز الفقد، فكيف يمكن لك أن تتجاوز حقيقة أن طفلك الوحيد قد غادر الحياة؟ كيف يمكن لك أن تنسى فقدان ذراع أو ساق وتعود إلى حياتك العادية؟ الوقت لن يشفي جراحك، لأن ما تمر به ليس مشكلة يمكن حلها أو مرضًا يمكن علاجه، بل هو رد فعل طبيعي من جانب عقلك وجسدك للصدمة التي تعرضت لها، وهو رد فعل مشترك بيننا جميعًا -بصفتنا بشرًا- نواجه الحياة بما فيها من أحداث سارة ومحزنة.

إن هذا الشعور شعور ضروري مهم في رحلتك الإنسانية، فلا تحاول قمعه، لأنه سوف يعود إليك في صورة اضطرابات نفسية كالاكتئاب والقلق إن حاولت. إذًا لا يوجد سبيل للتخلص من الألم إلا أن نقبله كما هو، ولا يعني هذا أننا سنعيش حياة مليئة بالمعاناة والتعاسة، بل يعني أننا سنعيش حياة مختلفة عن تلك التي عرفناها، حياة جديدة من صنع الحادث الذي مررنا به، ستكون فيها سعادة، كما سيكون فيها ألم وحزن.
ليس سهلًا علينا أن نقبل بالألم أو الحزن، لكن لأن مقاومتهما لن تنفع، فالأَوْلَى أن نسمح لهما بالوجود، أن نشعر فقط بما نشعر، لن تتجاوز حينها موت طفلك، أو تنسى أنك فقدت جزءًا منك، لكنك ستسمح لنفسك بأن تتألم، أن تصل إلى أعمق الشعور، وأن تدرك أن لُبَّ هذا الألم ليس إلا حبًّا، حبًّا لمن فقدت، وحبًّا لنفسك.
الفكرة من كتاب لا بأس إن لم تكن بخير: مواجهة الحزن والفقد في ثقافة لا تفهم
في الأيام الأولى التي تلي فقدان شخص عزيز عليك، أو الإصابة بإعاقة جسدية أو مرض مزمن، تبدو الحياة من حولك غريبة، كأنك في عالم آخر، لا تجد أي معنًى أو هدف لوجودك بعد الآن، كل ما تراه وتسمعه يذكرك بما فقدت، وبالأحلام والآمال التي انتهت معه، ولا تجد أي تعزية بأي شكل من الأشكال، لا في كلمات من حولك أو حتى كتابات المتخصصين.
لهذا تمد لنا ميجان يد العون، ترشدنا في هذه الفترة بعد أن مرت هي الأخرى بتجربة مماثلة شاهدت فيها شريكها يموت غرقًا، وقضت أعوامًا من الألم والحزن والغضب والوحدة، تكتب لنا عما رَغِبَتْ أن تجده حينها، تكتب لنا عن الحقيقة، حقيقة الفقد، وحقيقة التجاوز، وتقدم لنا التعزية، تحاول ميجان هنا أن تخفف بعضًا من معاناتنا ووحدتنا، وتساعدنا على فهم ما نمر به سيكولوجيًّا، كما تقدم تشريحًا وافيًا لنظرة المجتمع إلى الفقد وكيفية التعامل معه، وتقدم أيضًا نصائح إلى الأهل والأصدقاء الذين يريدون مساندة من يعانون الفقد.
مؤلف كتاب لا بأس إن لم تكن بخير: مواجهة الحزن والفقد في ثقافة لا تفهم
ميجان ديڤاين: معالجة نفسية وكاتبة تهتم بمساعدة الناس على التعامل مع التحديات الحياتية في تجربة الفقد والحزن، لذا أنشأت موقعًا إلكترونيًّا يسمى “Refuge in grief”، حيث توفر الملاذ والدعم اللازم للأفراد الذين يمرون بتجربة الفقد، كما تقدم بودكاست بعنوان “It’s Ok That You’re Not Ok With Megan Devine”، تشارك فيه الحديث مع ضيوفها حول تجربة الفقد والألم والحياة، وقد ألَّفت كتابًا آخر حول الموضوع نفسه، وهو:
How to Carry What Can’t Be Fixed: A Journal for Grief
ملحوظة: لا توجد ترجمة عربية لهذا الكتاب.