ما المقاطعة؟

ما المقاطعة؟
المقاطعة لغةً تعني الهجر والبعد والبَين وترك الوصال، وهي أيضًا الامتناع عن التعامل مع طرفٍ ما اقتصاديًّا أو اجتماعيًّا لأسباب مختلفة، والمقاطعة الاقتصادية هي إيقاف العلاقات ورفض التفاوض مع الطرف المقاطَع أو المنشآت التابعة له، أو وقف العلاقات الاقتصادية مع دولة أخرى ورعاياها بهدف الضغط عليها لتحقيق أهداف معينة، وتشكل حركة السلع ورفض التعامل مع شخصٍ أو منظمة أو دولة. وفي حالة المقاطعة الشعبية تعني المقاطعة اتفاق جمهور شعب على عدم التعامل مع سلعة أو خدمة لدولة أو شركة تسيء إليه وإلى مبادئه ومقدساته.

ويمكن تصنيف المقاطعة حسب مجالها المستهدف إلى مقاطعة اقتصادية ومقاطعة ثقافية ومقاطعة سياسية ومقاطعة شاملة تضم سابقاتها، كما يمكن تصنيف المقاطعة حسب جهة تنفيذها إلى مقاطعة تنفذها جهات حكومية أو جهات دولية، أي تحدث باتفاق بين منظمات وجهات دولية كالمقاطعة التي قررتها الأمم المتحدة على جنوب إفريقيا عام 1962، أو مقاطعة تنفذها جهات شعبية، أي مقاطعة غير حكومية يتولى فرضها وتطبيقها أفراد أو هيئات غير رسمية أو مؤسسات المجتمع المدني.
والمقاطعات عبر التاريخ استمرت لفترات مختلفة، منها ما استمر لأشهر قليلة، ومنها ما استمر لسنوات، كالمقاطعة الهندية الشعبية للبضائع البريطانية بقيادة المهاتما غاندي التي استمرت لاثني عشر عامًا. وثمة جدل بين المشتغلين بالقانون الدولي حول المقاطعة وموقفها القانوني، ويرى فريق منهم أنه لا يمكن اتهام الدول والحكومات بسبب فعل شعبي سلمي، وقد اتخذت الدول تجاهها مواقف مختلفة.
الفكرة من كتاب المقاطعة الاقتصادية: سلاح الشعوب
تمثل العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري بين الشعوب ضرورة كبيرة للمجتمعات الإنسانية، وقد تطورت تلك العلاقات عبر التاريخ حتى أخذت شكل النظام الاقتصادي الحالي في ظل العولمة، ما يجعل الإضرار بشركاتٍ تابعة لدولة معينة يؤثر في عجلة الاقتصاد فيها، مما قد يدفعها إلى تغيير مواقفها السياسية وغيرها، والمقاطعة الاقتصادية معروفة منذ قديم الزمان على أنها وسيلة لإضعاف الخصوم، أو تعبير سلمي عن رفض لمواقف شعب أو حكومة في بلد آخر.
وفي السنوات الأخيرة تكررت دعوات المقاطعة في بلادنا، فما تاريخ المقاطعة الاقتصادية؟ وهل هي نافعة حقًّا؟ وكيف هي نظرة الشريعة الإسلامية إليها؟ وما الذي يعوقها عن تحقيق أهدافها؟ هذا ما نحاول أن نجيب عنه مع هذا الكتاب.
مؤلف كتاب المقاطعة الاقتصادية: سلاح الشعوب
عرابي عبد الحي عرابي: باحث سوري تركي، ولد بحلب عام ١٩٨٥، ونال الإجازة في الدراسات الإسلامية من كلية الشريعة في جامعة دمشق في عام 2009، وحصل على الماجستير في علم الكلام من جامعة «تراكيا | Trakya» في عام 2017، وحصل على الدكتوراه في الفلسفة من جامعة «تشاناكالي | Çanakkale» عام 2023، وله دراسات تخصصية في الفلسفة وعلم الكلام والشؤون السياسية والفكرية، وعمل مديرًا علميًّا لمؤسسة السبيل.