كيف ننجو من تغيرات المناخ؟

كيف ننجو من تغيرات المناخ؟
يشبّه علماء البيئة كوكبنا بضفدع جالسٍ في قِدر من الماء يُسخَّن تدريجيًّا، والضفدع ساكن لا يتحرك، حتى يغلي الماء ويُقتل الضفدع، وهذا المثال يعبّر عن مستقبل البشرية في ظل تغيرات المناخ، فحضارتنا الرأسمالية قائمة على الاستهلاك، الذي يُلزِم دفعَ ثمنٍ بيئيٍّ بسبب ضخ الانبعاثات الكربونية الدفينة في الهواء، لكن خبراء الاقتصاد يخبروننا بأننا نختلف عن الضفدع بسبب قدرتنا على ابتكار خيارات أفضل تمكننا من التأقلم مع التغيرات المناخية، ولذلك لن تنقذ وسائل تقنين الكربون وتخفيضه حضارتَنا -رغم أهميتها- بسبب عدم اقتناع الجميع بها، لكن المنقذ هو المشكلة بذاتها، فالحضارة الرأسمالية ماهرة في إعادة إنتاج الحلول من المشكلة.

فبدلًا من تخيّل عالم ينهار بسبب تغيرات المناخ، لنتخيّل عالمًا تتنافس فيه المدن على النجاة، فرغم أن تبعات التغيرات المناخية مجهولة، فإن من أشهرها ارتفاع درجة الحرارة وذوبان الكتل الجليدية وارتفاع مستوى البحر، وهو ما يهدد كل المدن بالطبع، لكن تختلف درجات التهديد وطبيعته، وكذلك طريقة استجابة المدن لذلك التحدي، فهل ستنتظر قدرها جالسةً مثل الضفدع، أم ستخطو خطوات مبادرة للتأقلم مع التهديد المناخي، عبر تصميم وإنتاج منتجات وبنية تحتية أكثر حماية وممانعة، كتصميمات معمارية مقاومة للفيضانات، أو مبردّات أكفأ أمام ارتفاع درجة الحرارة؟
تشير النظرة التفاؤلية التي يتبناها بعض خبراء الاقتصاد إلى دائرة مختلفة من الأحداث، ففي البداية ستحفز التهديدات المناخية رغبتنا في النجاة، لنندفع ونوفّر خدمات ومنتجات أفضل، لكنها بأسعار مرتفعة نتيجة ندرة مصادر الطاقة، ولكنها ستمنحنا الحماية اللازمة، وستخلق رغبة عميقة في السوق لشرائها، لتتاح لأغلب المستهلكين، وتقترب من قدرتهم الشرائية بمرور الوقت.
تحتل قضية التغيرات المناخية مكانة أساسية في جميع النقاشات المعاصرة، هل أفسدنا الكوكب؟ هل فات أوان الإصلاح؟ أنسير إلى الهاوية أم من الممكن أن ننجو؟ سنناقش تلك الأسئلة من وجهة نظر متفائلة يؤمن بها الاقتصاديون، بأن البشرية قادرة على التأقلم والنجاة من التغيرات والصدمات، فما الخطوات التي علينا أن نخطوها لنحقق ذلك الهدف؟ وكيف ستبدو الحياة في عالمٍ أشد حرارة في المستقبل؟
الفكرة من كتاب المدينة المناخية.. كيف لمدننا أن تزدهر في مستقبل أشد حرًّا؟
لو عُرِضَ عليك بيتٌ يطفو إذا حدث فيضان، هل ستُهرعُ لشرائه أم ستتهم المعماري بالجنون؟ قبل أن تندفع في الإجابة فكّر في تغيّرات المناخ، واعلم أن أحد أكبر تهديداته هو الفيضان، عندها سوف يبدو ذلك المعماري عبقريًّا لأنه استبق الأحداث الكارثية، ومن الممكن أن تفكّر في عرضه.
تحتل قضية التغيرات المناخية مكانة أساسية في جميع النقاشات المعاصرة، هل أفسدنا الكوكب؟ هل فات أوان الإصلاح؟ أنسير إلى الهاوية أم من الممكن أن ننجو؟ سنناقش تلك الأسئلة من وجهة نظر متفائلة يؤمن بها الاقتصاديون، بأن البشرية قادرة على التأقلم والنجاة من التغيرات والصدمات، فما الخطوات التي علينا أن نخطوها لنحقق ذلك الهدف؟ وكيف ستبدو الحياة في عالمٍ أشد حرارة في المستقبل؟
مؤلف كتاب المدينة المناخية.. كيف لمدننا أن تزدهر في مستقبل أشد حرًّا؟
ماثيو إي. خان | Matthew E.Khan: عالم اقتصاد وأكاديمي أمريكي، وُلد في مدينة نيويورك في عام 1966م، حاز درجة البكالوريوس في الاقتصاد من كلية هاميلتون في عام 1988م، بالإضافة إلى البكالوريوس في التاريخ الاقتصادي من كلية لندن للاقتصاد، ثم حصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة شيكاجو عام 1993م.
عمل أستاذًا مساعدًا في جامعة كولومبيا وتقدم في المراتب حتى أصبح أستاذًا مشاركًا، ثم انتقل إلى جامعة تافتس وشغل منصب أستاذ مشارك في الاقتصاد، ثم انضم إلى جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس حيث عمل في معهد البيئة والاستدامة في عام 2006م واستمر حتى عام 2015م، ثم انتقل إلى جامعة جنوب كاليفورنيا، وأصبح رئيسًا للقسم في عام 2017م، ثم في يوليو 2019 انضم إلى جامعة جونز هوبكنز بصفته أستاذ بلومبرج المتميز للاقتصاد والأعمال.
بالإضافة إلى تدريسه في مؤسسات تعليمية عالية، عمل خان زائرًا في جامعات بارزة مثل هارفارد وستانفورد، وكان نشطًا في الأبحاث بصفته باحثًا مشاركًا في المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية وزميلًا باحثًا في IZA، كما يشغل دور محرر مشارك في مجلة Urban Economics، وله مؤلفات عديدة، مثل:
Adapting to climate change: markets and the management of an uncertain future
Fundamentals of environmental economics
معلومات عن المترجم:
أحمد حيدر: مفكّر سوري ولد في قرية عين البيضا التابعة لمدينة اللاذقية السورية عام 1928م، تخرج في قسم الفلسفة من الجامعة عام 1955م، وألّف عديدًا من الكتب، وكتب عشرات المقالات في بعض وسائل الإعلام، من أشهر كتبه:
في البحث عن جذور الشر.
العطالة والتجاوز.
كما ترجم كتبًا مثل:
جرائم المستقبل.
الفتى هاينريش.