أطفالٌ مقاومون

أطفالٌ مقاومون
إنّ أطفال غزة يعيشون أيامًا منعدمة الأمان، لكنهم مع ذلك لديهم قوة عالية في مواجهة الإجهاد، وهم يمتازون بالمرونة وقابلية التكيّف، رُبما هم مقاومون بالفطرة! نعم إنّها قوّة المقاومَة. وها هي دبابات الاحتلال تقصفهم من جديد داخل مدرسة الأمم المتحدة في مخيم جبَاليا للاجئين، وتمتلئ غرف الاستقبال من جديد بالأطفال المصابين بشظايا في رؤوسهم وأعضاء جسدهم، فقد ذهب الناس إلى مدرسة الفاخوري كملجأ، فهي مدرسة تحمل بوضوح إشارة الأمم المتحدة، ومع ذلك لم يسلموا! وقد أطلقت الدبابات الإسرائيلية النار عليهم، وأصابت الأطفال الذين يلعبون في باحتها، وما زال الأطباء مضطرين لمواصلة العمل، بعد أن نسوا حاجتهم إلى النوم والطّعام، لأن الوضع كارثيّ.

وأصبح فتح المعبر وإيقاف القصف أمرين ضروريّين، فكيف يمكن للأطبّاء إقناع العالَم بذلك؟ إنّ الاحتلال يقتل الأطفال، وحجته أن هؤلاء الأطفال هم أطفال حماس! فجميع الفلسطينيين إرهابيون في أعينهم، لذا فإنهم يرون أن من الجيّد التخلص من أطفالهم، أي لأن أهل غزّة صوتوا في يوم من الأيام لصالح حماس، فقد أصبحوا إرهابيين في نظر إسرائيل وأوربا والولايات المتحدة الأمريكية.
وفي كلّ يوم يمر من شتاء شهر يناير يزداد عدد القتلى والجرحى من الأطفال والشباب، ويتحتم على الطبيب أن يتماسك حينما تأتي عائلات بأكملها مفزوعة تهرول، فعلى الرغم من أنّ التفاعل مع العواطف مهم للطبيب، حتى لا ينهار ويُشلَّ عن العمل، فلا بأس أن يكون ذلك بعد إتمام العمل وبين النوبات فقط، ولا بأس أيضًا ببعض اللمسات الحنونة التي يستخدمها الأطباء تجاه بعضهم، مثل المصافحة والاحتضان والربت على الكتفين، فهم يحتاجون إلى معاونة بعضهم بعضًا في هذه المستشفيات التي لا يمكن تشغيلها بشكل طبيعي، رغم أنها تعمل عملًا إنسانيًّا فقط!
الفكرة من كتاب عيون في غزة
في شتاء عامي 2008 و2009 شن الاحتلال هجومًا عنيفًا على قطاع غزة، وقد عايش الطبيب مادس برفقة صديقه إيريك هذا الحدث الكارثيّ، وكانَا شاهدي عيان من خلال عملهما أطباء في مستشفى الشفاء، الذي جعلهما جزءًا من تلك المعاناة.
مؤلف كتاب عيون في غزة
مادس جيلبرت: هو مادس فريدريك جيلبرت، طبيب نرويجي متخصص في التخدير، من مواليد 2 يونيو 1947، وهو ناشطٌ في العمل التضامني، لذا فهو يتمتع بخبرات دولية واسعة النطاق، وخصوصًا في المواقع التي تجتمع فيها الأزمات السياسية والطبية الإنسانية، فقد عمل بصفة طبيب خلال فترات عديدة في فلسطين ولبنان. ومن مؤلفاته:
Night in Gaza
إيريك فوسا: خبير طبّي وجراح نرويجي الجنسيّة، وهو صديق لمادس جيلبرت ورافقه للعمل خلال فترات الحروب أيضًا.
معلومات عن المُترجِمَة:
زكية خيرهم الشنقيطي: أديبة مغربية نرويجية، تقيم في النرويج منذ عام 1990، حاصلة على ماجستير الأدب الإنجليزي، شغلت منصب نائبة رئيسة المنتدى العربي بأوسلو عـام 1997، وتنشط حاليًّا في المنتدى الثقافي المغربي النرويجي منذ عام 2008، وهي عضوة في نقابات الكتاب في النرويج وعضوة في اتحاد كتاب المغرب.
من مؤلّفاتها:
نهاية سري الخطير.