المعبر ومعاناة الوصول

المعبر ومعاناة الوصول
يخبرنا إيريك فوسا بأن الأخبار قد وصلتهم عن ذلك الهجوم الإسرائيلي المستمر على غزّة بلا هوادة في يوم السبت السابع والعشرين من شهر ديسمبر، لعام ألفين وثمانية، إذ بدأ القصف على قطاع غزة بشكل كارثيّ، مما زاد عدد القتلى والجرحى في ذلك القطاع الصغير، وبطبيعة الحال، ولأن المستشفيات مهما كانت ممتلئة بالأطباء ذوي الخبرة، سوف تبدو فقيرة من الموارد والخبرات أمام ذلك العدد المهول من الجرحى، إذ إنّ الهجمات الشنيعة تجعل الأطباء في حاجة إلى المزيد ممن يعاونهم، وقد عَمِلَ مادس برفقة إيريك في غزّة سابقًا، لذا خطر على بال إيريك أن يقول له في تلك الحرب: “ها قد بدأنا من جديد!”. رتب الطبيبان حقائبهما، وأحضر مادس معه الكاميرا وحاسوبًا آليًّا وسماعات ومصابيح وبعض الكتب الطبيّة وأدوية الإسعافات.

أما ترتيب السفر نفسه فقد تم بأعجوبة، ولكن ها هما قد انطلقَا إلى مصر ومن مصر إلى معبر رفح حتى يصلا إلى غزّة، وقد استغرقت الرحلة من القاهرة إلى رفح نحو ست ساعات، وهذا بالطبع شيء مقلق، فالتأخير يعني خسارة زائدة في الأرواح. وحرص كل من مادس وإيريك على ارتداء معاطف طبيّة وسترات برتقاليّة وسماعات، حتى يظهرا طبيبين وهما يدخلان الحدود، وقد كان القلق يصاحبهما في رحلتهما، وانتظرا على الجانب المصريّ، أمّا طائرات الاحتلال فما زالت تقصف بعنفٍ في غزّة! وبعد معاناة ونقاشاتٍ وتنسيقات أتى السائق أخيرًا بجوازات السفر، قائلًا: سوف تدخلون. بالطبع لم يخِفهما ذلك، بل صرخ مادس فرحًا، وتَبِعَا الجندي المصري حتى المبنى الرئيس، وفُتِّشِت الحقائب ثم خرجَا إلى الساحة، حيث أوقفهما الجنود للاستفسار: ماذا تفعلون؟ ليجيبا: نحن في طريقنا إلى قطاع غزة للعمل، نحن أطباء. وأصبح الطبيبان في الداخل فعلًا، لكن غزة كانت تبدو شبه خالية، ومعظم المتاجر مُقفَلة والمباني مدمَّرة.
الفكرة من كتاب عيون في غزة
في شتاء عامي 2008 و2009 شن الاحتلال هجومًا عنيفًا على قطاع غزة، وقد عايش الطبيب مادس برفقة صديقه إيريك هذا الحدث الكارثيّ، وكانَا شاهدي عيان من خلال عملهما أطباء في مستشفى الشفاء، الذي جعلهما جزءًا من تلك المعاناة.
مؤلف كتاب عيون في غزة
مادس جيلبرت: هو مادس فريدريك جيلبرت، طبيب نرويجي متخصص في التخدير، من مواليد 2 يونيو 1947، وهو ناشطٌ في العمل التضامني، لذا فهو يتمتع بخبرات دولية واسعة النطاق، وخصوصًا في المواقع التي تجتمع فيها الأزمات السياسية والطبية الإنسانية، فقد عمل بصفة طبيب خلال فترات عديدة في فلسطين ولبنان. ومن مؤلفاته:
Night in Gaza
إيريك فوسا: خبير طبّي وجراح نرويجي الجنسيّة، وهو صديق لمادس جيلبرت ورافقه للعمل خلال فترات الحروب أيضًا.
معلومات عن المُترجِمَة:
زكية خيرهم الشنقيطي: أديبة مغربية نرويجية، تقيم في النرويج منذ عام 1990، حاصلة على ماجستير الأدب الإنجليزي، شغلت منصب نائبة رئيسة المنتدى العربي بأوسلو عـام 1997، وتنشط حاليًّا في المنتدى الثقافي المغربي النرويجي منذ عام 2008، وهي عضوة في نقابات الكتاب في النرويج وعضوة في اتحاد كتاب المغرب.
من مؤلّفاتها:
نهاية سري الخطير.