تكملة لسبل التعافي من الفقد
تكملة لسبل التعافي من الفقد
يتطلب التعافي فهم «وجع الاعتذار»، ويَصِف هذا الألم انتظار تعبير الأم عن تعلقها بك واعتذارها عن جَرحها لمشاعرك، على أمل انتهاء الألم بعد إدراك الأم لخطئها، والأم التي تعتذر بأسلوب صحي ناضج متواضع أمٌّ جديرة بالثقة، تعي قوتها وإحداثها الضرر وتُصلِحه، واعتذار الأم يُسَهِّل الشفاء، لكنه ليس لازمًا لشفاء قلبك المجروح، فينبغي لك التوقف عن الانتظار والتخلي عن الأمل، لأن ذلك يمثل عقبة كبيرة في تحقيق التعافي. ويتطلب التعافي أيضًا فهم «حزن الحرمان»، إذ تشترك النساء اللاتي يعانين «الجوع إلى الأمومة» في الانتظار الدائم لأَن تُصبح الأمُّ أمًّا، ويبحثن عما يملأ الفراغ بداخلهن لاستمرار تخيلهن الأم المُحِبَّة، ويَصِف «حزن الحرمان» الخسارةَ التي يصعب الاعتراف بها، ويحدث لهذا الحزن «تجميد» فلا يمر بمراحل الحزن حتى يتلاشى، بل يقف في حالة حداد، تظهر أنماطه في الجدال أو نوبات الغضب، أو الصراخ، أو اليأس والاكتئاب والاستسلام، أو الانفصال والتشتت.
وخلال التعافي ستشتد المشاعر التي لم يُسمح الشعور بها عندما كنتِ صغيرة، فقد يظهر الحزن أحيانًا في شكل قلق أو غضب، تحتاجين إلى السماح لنفسك بالشعور بهذه المشاعر، ولا تخافي سيطرتها عليكِ، فتجنب المشاعر السلبية في الحقيقة يعني تجنب نفسك، والشفاء يحدث من مواجهة الخوف وحضور الأجزاء الجريحة داخلك. ويدفع الجوع إلى الأمومة إلى البحث عن بدائل لملء الفراغ، وهي بدائل مسببة للإدمان تخدر الشعور بالوحدة، ولذا من المهم إيجاد أماكن تُشعركِ بالانتماء والراحة، كما تحتاجين إلى الاطمئنان إلى وجود من يمكن التوكل عليه واللجوء إليه في أي وقت وعلى أي حالة تكونين عليها أو تؤول إليها الأمور، فقلبك يبحث عن الله عز وجل، لاستشعار لطفه وحمايته، والشعور بالحب بداخلك.
ومن المفيد عدم السعي للوصول إلى النهاية، أي زوال الشعور بالحزن، فعملية الشفاء لا تسير على خط واحد، عندما تبدئين التعافي ينتابك الحزن من وقت لآخر، فعليكِ تذكر أن التعافي عملية مستمرة، يُعاد فيها بناء الدماغ، وتحتاج إلى وقت قبل الشعور بالتحسن، ولأنكِ عشتِ وحيدة بما يكفي، تحتاجين إلى التواصل مع الآخرين، ويمكنكِ البحث عن دعم من متخصص يوفر بيئة آمنة ويعالج الصدمة النفسية.
الفكرة من كتاب الجوع إلى الأمومة: في سبل معالجة الفقدان والتعافي منه
كيف يمكن وصف الشعور بالرغبة في شيء ما أو شخص ما لتسكين الشعور بالوحدة؟ وكيف يمكن التخفّف من عبء حزن عميق غير ظاهر يصعب الاعتراف به؟
يمكن وصف هذا الشعور بمصطلح «الجوع إلى الأمومة»، مصطلح صاغته الكاتبة لتعبر عن فقد النساء لحب أمهاتهن، فيكبرن يبحثن عن نوع معين من الحب، حب غير مشروط، مراعٍ، آمن، ملهم، وهو الحب الذي يحتاج إليه الإنسان لينطلق بقوة في الحياة، ونتيجة لهذا الفقد يشعرن بفراغ داخلي يبحثن عما يملَؤُه، فتوضح الكاتبة منشأ هذا الفقد وعلاقته بالتعلق بالأم في الطفولة، كما تُرشِد إلى كيفية تعويض هذا الفقد والتعافي منه.
مؤلف كتاب الجوع إلى الأمومة: في سبل معالجة الفقدان والتعافي منه
كيلي ماكدانيال: مستشارة مهنية متخصصة في علاج إدمان العلاقات والتعلق غير الآمن والحرمان من حب الأم لدى النساء، حصلت على درجتَي ماجستير إحداهما في الأدب الإنجليزي من جامعة جورج تاون، والأخرى في الإرشاد من جامعة سانت ماري، ولديها كتاب آخر بعنوان: «Ready to Heal: Breaking Free of Addictive Relationships»
معلومات عن المترجم:
منير عليمي: شاعر ومترجم تونسي، ومدير النّشر في مؤسسة صفحة سبعة للنّشر والتوزيع، ومترجم في دار «ملهمون»، ومؤسس لملتقى دراسات الترجمة، نال جائزة «أيام قرطاج الشعرية» على المجموعة الشعرية «مقبرة على قيد الحياة»، وترجم أعمالًا عديدة منها: «عزلة صاخبة جدًّا»، و«سجن بلا سقف».