نظرية التعلق
نظرية التعلق
نشأت نظرية التعلق حين لاحظ الطبيب النفسي «جون بولبي | John Bowlby»، الذي عمل في دور الأيتام، توقفَ نمو الأطفال وموت كثير منهم رغم توفير الطعام والمأوى والرعاية لهم، وبعد إجراء عديد من الأبحاث أوضحت نظرية التعلق حقيقة أساسية، هي أن الرضع يعتمدون على رعاية والداتهم وأنهم مخلوقون للبقاء بالقرب منهن، فالرضيع بحاجة إلى دفء والدته لتعزيز المناطق الاجتماعية في دماغه، فالتفاعلات الهادئة والمتجاوبة كالاحتضان تُعزِّز نمو دماغه، وتُنَشِّط الناقلات العصبية التي تُشعِره بالراحة.
وينقسم التعلق تعلقًا آمنًا، وتعلقًا غير آمن، وينشأ التعلق الآمن من العلاقة المتبادلة بين الأم والطفل، فيتعلم الطفل أن العلاقات تخفف الألم، ويتيح التعلق الآمن استمرار النضج، ويمهد لاستقلال الطفل، ويجعله أكثر فضولًا، كما يجعله متعاطفًا مع الآخرين، متجاوزًا للصعوبات، ويستمر في بناء علاقات وثيقة طوال الحياة مع أصدقائه وشريك حياته وأطفاله، وفي المقابل، الأطفال الذين لديهم تعلق غير آمن ولم يتلقوا رعاية كافية يتكون لديهم نظام عصبي مختلف، وتظهر لديهم أعراض القلق وعدم الثقة بالآخرين.
والتعلق غير الآمن له ثلاثة أنماط: التعلق الاجتنابي، والتعلق القَلِق، والتعلق غير المنظم، والأطفال ذوو التعلق الاجتنابي يتعلمون كبت مشاعرهم في سن مبكرة، والنساء البالغات يمِلْن إلى أن يكنَّ مفكرات، والتحدث عن العواطف والمشاعر يسبب لهن التوتر الشديد، ولا يلاحظن إشارات القرب من الآخرين، ويحدث هذا النمط بسبب عدم الاستجابة الكافية من الأم للطفلة، أما التعلق القَلِق فيحدث عندما تستجيب الأم للطفل بكيفية لا يمكن التنبؤ بها، وكذلك يحدث بسبب الأمهات المثاليات، أو الأمهات اللاتي يواجهن صعوبة في إظهار المودة، أو يعانين تقلبات مزاجية متكررة، والنساء اللاتي لديهن هذا النمط من التعلق لديهن رغبة شديدة في القرب عصية على الإشباع، ولا يشعرن بالراحة مع أنفسهن والآخرين، ويشعرن بالغَيرة والغضب بسرعة ويصعب عليهن تقبل الهجر. وفي التعلق غير المنتظم يحدث تعلق عاطفي قوي بين الطفلة والأم المُؤذية، فيختلط الحب بالخطر، ويستجيب الجهاز العصبي للخطر والتعلق في الوقت ذاته، وهذا الارتباط السام يؤثر في جميع العلاقات الأخرى في الحياة، وتعتقد النساء من داخلهن أن لا أحد جدير بالثقة.
الفكرة من كتاب الجوع إلى الأمومة: في سبل معالجة الفقدان والتعافي منه
كيف يمكن وصف الشعور بالرغبة في شيء ما أو شخص ما لتسكين الشعور بالوحدة؟ وكيف يمكن التخفّف من عبء حزن عميق غير ظاهر يصعب الاعتراف به؟
يمكن وصف هذا الشعور بمصطلح «الجوع إلى الأمومة»، مصطلح صاغته الكاتبة لتعبر عن فقد النساء لحب أمهاتهن، فيكبرن يبحثن عن نوع معين من الحب، حب غير مشروط، مراعٍ، آمن، ملهم، وهو الحب الذي يحتاج إليه الإنسان لينطلق بقوة في الحياة، ونتيجة لهذا الفقد يشعرن بفراغ داخلي يبحثن عما يملَؤُه، فتوضح الكاتبة منشأ هذا الفقد وعلاقته بالتعلق بالأم في الطفولة، كما تُرشِد إلى كيفية تعويض هذا الفقد والتعافي منه.
مؤلف كتاب الجوع إلى الأمومة: في سبل معالجة الفقدان والتعافي منه
كيلي ماكدانيال: مستشارة مهنية متخصصة في علاج إدمان العلاقات والتعلق غير الآمن والحرمان من حب الأم لدى النساء، حصلت على درجتَي ماجستير إحداهما في الأدب الإنجليزي من جامعة جورج تاون، والأخرى في الإرشاد من جامعة سانت ماري، ولديها كتاب آخر بعنوان: «Ready to Heal: Breaking Free of Addictive Relationships»
معلومات عن المترجم:
منير عليمي: شاعر ومترجم تونسي، ومدير النّشر في مؤسسة صفحة سبعة للنّشر والتوزيع، ومترجم في دار «ملهمون»، ومؤسس لملتقى دراسات الترجمة، نال جائزة «أيام قرطاج الشعرية» على المجموعة الشعرية «مقبرة على قيد الحياة»، وترجم أعمالًا عديدة منها: «عزلة صاخبة جدًّا»، و«سجن بلا سقف».