كيف تزداد شراسة قطة العاطفة؟
كيف تزداد شراسة قطة العاطفة؟
تجنُّب المشاعر أخطر ما يمكن أن يفعله الإنسان ويزيد من شراسة قطته، فبتجنبها تتحول إلى عاطفة ملتهبة غير مستقرة، وحتى لا تتجنب المشاعر عليك أن تتحمل مسؤولية أفعالك، فإن لم تكن مسؤولًا عن شعورك فلا يمكنك أن تبرر أفعالك أو تُحمّل غيرك مسؤوليتها، وكل شعور صادق، لكنه في النهاية لا يخبرك بالحقيقة كاملة، فأنت ترى الأمور من زاوية ضيقة، والحقيقة ليست وجهة نظرك فقط، وشعورك -وإن لم يكن قاتلًا- قد يقتل إذا أصررت على رفضه وتجنبه.
يبدأ تجنب المشاعر بالإساءات التي يرتكبها الآباء في حق مشاعر الطفل، فترتبط عنده المشاعر بالألم، فيسعى إلى تجنبها لتلافي الألم.
بعض الآباء متعنتون في تطبيق القوانين وتصويب الأخطاء، ولا يدركون أن مهمتهم تسيير الأمور لأولادهم، فنجد بعضهم يتعامل مع شعور الطفل على أنه مشكلة وأزمة كبيرة، فإما يحاول تجاهلها وإما يلجأ إلى الاستهتار بها وتهوينها، وهذه وسيلة دفاعية تجاه ما يشعر به الأبناء، وإذا ما فشلوا يهاجمون مشاعر أطفالهم ويلقون عليها الاتهامات، وربما يصلون إلى أسوأ من ذلك فيكممون مشاعرهم ويقطعون ألسنتها ليسكتوهم.
ويلتقط الأبناء طريقة الآباء في التعامل مع المشاعر، فيبدأ الطفل في استخدام النوم لإماتة الواقع وإيقاف الحياة والانفصال عن الألم، وبعد فقدان النوم لفاعليته وتحوله إلى مصدر إزعاج له، يلجأ إلى أحلام اليقظة واستخدام الخيال لتجنب المشاعر والانفصال عن الواقع، ومع المراهقة يستخدم التفكير الزائد لمنع عقله من الانتباه إلى مشاعره، فيصنع لنفسه عالمًا يشبه أحلام اليقظة ويصير حبيسًا فيه، وينتهي طريق التجنب بالانشغال الزائد بالجسد، ويصيب الطفل اختلال العقل وتشوه الحواس ويختلط عنده الواقع بالوهم.
الفكرة من كتاب قطة العاطفة: رحلة بحث في ذاكرة المشاعر
لغة المشاعر هي أعلى اللغات أميةً في العالم، وهي لغة نتوارثها وتستقر داخلنا ويمكن أن نكبر دون تعلُّمها، وربما نتحدث بلسان مشوه خادع لا يكفي للتعبير عنها، أو تمييزها في أنفسنا وفهمها، فنلجأ إلى تجنبها، ومن ثم تتحول إلى مشكلة كبيرة داخلنا، أشبه بقطة شرسة تحاول تحطيم كل شيء في الداخل.
يأخذنا هذا الكتاب لنتعلم التعامل مع القطة العاطفية، وللاطلاع على طبيعتها وقصتها، لنعرف سبب شراستها، ثم نعرف طريقة ترويضها والعلاج من داء تجنبنا لمشاعرنا.
مؤلف كتاب قطة العاطفة: رحلة بحث في ذاكرة المشاعر
د. يَحيى موسى: مؤلف وباحث في مجال علم النفس، درس بكلية الطب جامعة بنها، ويعمل حاليًّا طبيبًا نفسيًّا.
من مؤلفاته:
ما وجدنا عليه آباءنا.
رغم أنف الذكريات.