قوانين عالمها
قوانين عالمها
وللعاطفة قوانين تحكم عالمها، وعدم فهمها يصيب المرء بالتعاسة، وقبل الدخول إلى عالمها يجب أن تدرك أن كل المشاعر عادية ومقبولة ومهمة للإنسان، فلا يوجد شعور سيئ أو شرير أو يعمل ضد مصلحتك، فكل شعور هدفه الأساس هو تحقيق مصلحة لك، وتجنب المشاعر أو قمعها أو الهرب منها وتجاهلها يحولها إلى عاطفة غير مستقرة، فوظيفتها الأولى حمايتك، وحينما تفشل في تقبلها أو تدين وجودها وتخطئ في تقييم الموقف، يتحول الشعور إلى عاطفة مشوهة.
ومن ضمن قوانينها أنها غير مستقرة وتستعين بموروث قديم من الانفعالات المسجلة في الذاكرة الشعورية، التي لا تخضع لرقابة العقل المفكر، كأنها تعود بك إلى همجية الإنسان البُدائي، فتتحول بك إلى حالة شعورية ملتهبة تشوه الواقع في عينيك، وحدث ذلك بسبب مشاعرك المكبوتة المهملة وعجزك عن التعبير عنها، يجب أن تدرك أن كل شعور مهارة يجب تعلمها، وكل عاطفة ملتهبة فشل صاحبها في التعبير عنها وتوقف عن تحمل مسؤوليتها ومسؤولية حياته تنتهي به إلى سجن يعزله عن العالم.
كل المشاعر طبيعية خلقها الله لخدمتنا، تحمل رسالة إلينا إذا تجاهلناها أو رفضنا وجودها فنحن نرفض الهدية المحمولة إلينا، ونمنع أنفسنا من الاطلاع على أرواحنا ورغباتنا وكل ما له قيمة داخلنا، ولغة المشاعر أسهل من لغة العواطف، وأنت من يُعقِّد الأمور أو يسهلها، وكلما غذيت عاطفتك بمشاعر مكبوتة ازداد لهيبها، وقلت وطأتها كلما أطعمتها مشاعر سليمة طيبة معبرًا عنها، فيجب عليك معايشة الشعور والبقاء على تواصل معه، والكف عن تعقيد الأمور، فالشعور أقرب إلى الحدث، يسهُل فهمه، أما العاطفة فمعقدة وتقع في ذاكرة بعيدة.
الفكرة من كتاب قطة العاطفة: رحلة بحث في ذاكرة المشاعر
لغة المشاعر هي أعلى اللغات أميةً في العالم، وهي لغة نتوارثها وتستقر داخلنا ويمكن أن نكبر دون تعلُّمها، وربما نتحدث بلسان مشوه خادع لا يكفي للتعبير عنها، أو تمييزها في أنفسنا وفهمها، فنلجأ إلى تجنبها، ومن ثم تتحول إلى مشكلة كبيرة داخلنا، أشبه بقطة شرسة تحاول تحطيم كل شيء في الداخل.
يأخذنا هذا الكتاب لنتعلم التعامل مع القطة العاطفية، وللاطلاع على طبيعتها وقصتها، لنعرف سبب شراستها، ثم نعرف طريقة ترويضها والعلاج من داء تجنبنا لمشاعرنا.
مؤلف كتاب قطة العاطفة: رحلة بحث في ذاكرة المشاعر
د. يَحيى موسى: مؤلف وباحث في مجال علم النفس، درس بكلية الطب جامعة بنها، ويعمل حاليًّا طبيبًا نفسيًّا.
من مؤلفاته:
ما وجدنا عليه آباءنا.
رغم أنف الذكريات.