لنبدأ ترويضها
لنبدأ ترويضها
يبدأ الترويض بظهور الحاجة إليه، فلا بد من إرادة ودافع للبدء فيه والتزام بهذا القرار، فهو مسار وطريق متفرد متميز ينبغي عدم مقارنة تجربتك فيه بالآخرين، والسير فيه بخطوات لا يمكن أن تقفز فوق واحدة منها أو تختصرها، وإن قال البعض إن الأجداد عاشوا دون ترويض العاطفة، فإنما كان ذلك بالتغافل والأخطاء المعرفية والتشوهات المنطقية وبعض من قدرات العقل على المراوغة والتبرير، فتمكنوا من التكيف معها، وساعدتهم على ذلك قدرة الجهاز العصبي على التحمل، الذي يعتاد الألم كأنه غير موجود من الأساس.
وترويض العاطفة يكون بناءً على ضرورة لها وقت للظهور، وذلك بملاحظة بعض من المظاهر التي تعبر عن وجود خلل عميق في المشاعر التي تعبر عن حاجتنا إلى تعلم لغة المشاعر وترويض قطتنا، ومن هذه المظاهر اضطرابات المزاج، والقلق، والاضطرابات الوجدانية، واضطرابات السلوك لفترات طويلة، واضطرابات النوم والشهية والرغبة الجنسية، وكذلك اضطراب العلاقة مع الذات، وإهمال العناية بها، أو حتى المبالغة في التدليل والهوس بالنفس.
ومفتاح الدخول إلى عالم العاطفة هو القبول والتسليم بأن المشاعر لها عقلها الخاص، وأنها كِيانٌ مستقل وليست مجرد تابع لنا، وينبغي لنا الاعتراف بالجهل بها والدخول فيها على أنها ثقافة جديدة مختلفة، لها نظم وقوانين لا نعلم عنها شيئًا، وهي كِيان مختلف ينتمي إلى عالم العقل المنطقي وعالم المشاعر الغريب، وتتطلب فهمًا خاصًّا لها وللعالم الذي تنتمي إليه، ويجب احترامها واحترام تميزها واختلافها وامتلاكها لغةً وقوانين خاصة مختلفة، ونحن في أمس الحاجة إلى معرفتها وتقبلها.
الفكرة من كتاب قطة العاطفة: رحلة بحث في ذاكرة المشاعر
لغة المشاعر هي أعلى اللغات أميةً في العالم، وهي لغة نتوارثها وتستقر داخلنا ويمكن أن نكبر دون تعلُّمها، وربما نتحدث بلسان مشوه خادع لا يكفي للتعبير عنها، أو تمييزها في أنفسنا وفهمها، فنلجأ إلى تجنبها، ومن ثم تتحول إلى مشكلة كبيرة داخلنا، أشبه بقطة شرسة تحاول تحطيم كل شيء في الداخل.
يأخذنا هذا الكتاب لنتعلم التعامل مع القطة العاطفية، وللاطلاع على طبيعتها وقصتها، لنعرف سبب شراستها، ثم نعرف طريقة ترويضها والعلاج من داء تجنبنا لمشاعرنا.
مؤلف كتاب قطة العاطفة: رحلة بحث في ذاكرة المشاعر
د. يَحيى موسى: مؤلف وباحث في مجال علم النفس، درس بكلية الطب جامعة بنها، ويعمل حاليًّا طبيبًا نفسيًّا.
من مؤلفاته:
ما وجدنا عليه آباءنا.
رغم أنف الذكريات.