الرحيل والهجر
الرحيل والهجر
لا ضامن لاستمرار العلاقات لأنها يمكن أن تنتهي لأي سبب، وليس نمط التعلق وحده الذي يحدد نجاح العلاقة واستمرارها، بل يعتمد الأمر على تفاعل الأنماط بعضها مع بعض ومع الظروف المحيطة بها؛ الآمن يؤمن بإمكانية حصول الانفصال لكنه يركز على العلاقة، وغير الآمن يمكنه البقاء في علاقة طويلة رغم صراعاتها بسبب عدم تخيله وجود علاقة صحية مختلفة، فيرى أن جميع البيوت هكذا.
وانتهاء العلاقة مؤلم بشدة ومؤثر في الحالة النفسية، فحينما نفقد من نحب نتعرض لقلق انفصال عالٍ ثم اكتئاب ويأس، والانفصال مؤثر في الأشخاص بطرائق مختلفة طبقًا لأنماط شخصياتهم، فالآمن يتعامل مع الأمر بشكل صحي ويحزن بشكل طبيعي، والقلِق يحاول استعادة العلاقة بأي شكل ويصعب عليه التجاوز، واللا مكترث بطبيعة الحال يكبت مشاعره وينفصل عنها، لكنها تتحول إلى أعراض جسمانية، والخائف يبقى مفككًا بعد الرحيل ويدخل في حالة كرب ما بعد الصدمة.
والتعافي من الانفصال يمر بعدة مراحل، بداية يأتي الاحتجاج والشعور بالغضب وعدم التصديق ومحاولة الرجوع، ثم مرحلة اليأس والحزن، ثم نحاول ترتيب العلاقات وإقامة علاقة جديدة، وللتعافي لا بد من استخلاص المعنى من التجربة والعمل على تنظيم الانفعالات والعودة إلى ممارسة الحياة، والانفصال يساعدنا على تقييم العلاقة ومراجعة الأحداث واكتشاف أنفسنا والمساعدة على تحسينها وتطويرها.
الفكرة من كتاب أزمة تعلق: أنماط التعلق والعلاقات الحميمية
الإنسان كائن اجتماعي يتشكل ويتكون بوجود الآخرين والتفاعل معهم، ويمارس إنسانيته من خلالهم، فيعيش في العلاقات ويطورها ويعيد صياغتها وتشكله العلاقات وتطوره، وعلاقته بالأم هي الأهم؛ تصوغ داخلَه وترشده في بقية العلاقات، وفي العلاقات لا تسير الأمور دائمًا على ما يرام، فقد يكوّن الإنسان نمطًا آمنًا من العلاقات يساعده على الانطلاق والنجاح، وربما يكوّن نمطًا غير آمن يسبب له الخوف الذي يصاحبه في حياته وفي كل العلاقات.
ولأهمية العلاقات يقدم إلينا هذا الكتاب شرحًا وافيًا لنظرية أنماط التعلق وتأثير ذلك في العلاقات الحميمية، كما يساعدنا على فهم خريطة الحب التي صيغت داخلنا، ومعرفة طريقة العلاج من الأنماط والنماذج المعطوبة داخلنا.
مؤلف كتاب أزمة تعلق: أنماط التعلق والعلاقات الحميمية
ماهر عبد الحميد: تخرج في كلية الطب جامعة المنيا، استشاري الطب النفسي وحاصل على الزمالة العربية في الطب النفسي، اشتهر بكتاباته النفسية المبسطة على منصات التواصل الاجتماعي.