ظهور ألمانيا ولندن على الخريطة
ظهور ألمانيا ولندن على الخريطة
يتوجه الأثرياء الروس نحو ألمانيا وتحديدًا سوق العقارات، وتُعد برلين أكبر سوق في أوربا لشراء العقارات السكنية التي تُشترى بهدف التأجير، وعلى الرغم من كون ألمانيا تنعم الآن بألوان الازدهار والرخاء وتجذب كل ألوان الاستثمارات، فإن ماضيها لم يكن بهذا الرخاء، فبعد الحرب العالمية الأولى تكبدت ألمانيا خسائر مادية كبيرة بعد اضطرارها إلى دفع 33 مليار دولار تعويضات عن الأضرار التي لحقت بالمدنيين، ولتتمكن من توفير هذا المبلغ احتاجت إلى الحصول على قروض خارجية كبيرة خصوصًا من أمريكا، وتزامن هذا مع انخفاض قيمة العملة الألمانية وركود الاقتصاد وتوافر القليل من السلع، وبعد تحسن مؤقت في الاقتصاد الألماني طلبت أمريكا استرجاع قروضها عام 1929، ولأنه لم يكن لدى البنوك الألمانية ما يكفي من الدولارات للسداد، تراجع الاقتصاد وانهارت بعض المؤسسات، وارتفعت معدلات البطالة، وازداد الأمر سوءًا بعد الحرب العالمية الثانية، إذ فقدت ألمانيا غالبية مساكنها وثلث طاقتها الزراعية، وقُسمت مناطق تسيطر عليها القوى العظمى الغربية والسوفيتية، حتى انقسمت في النهاية ألمانيا الغربية وألمانيا الشرقية وأُقيم جدار برلين.
إذًا كيف خرجت ألمانيا من هذه المآزق ووصلت إلى ما هي عليه الآن؟ هنا يأتي دور أمريكا التي ضخت إلى ألمانيا الغربية مليارات الدولارات في صورة استثمار أجنبي مباشر، وبالفعل ساعدت هذه الدولارات ألمانيا الغربية على استعادة مكانتها بوصفها أقوى دولة في أوربا، وكعادة كل الدول المتقدمة، شهدت ألمانيا زيادة كبيرة في أعداد كبار السن وأصبح اليورو الواحد، من كل أربعة يوروات تنفقها الحكومة الألمانية، يُوجه إلى رعاية كبار السن، وفي ظل الشيخوخة التي تعانيها ألمانيا أصبحت تحتاج إلى ما يزيد على 250 ألف وافد سنويًّا لتتمكن من مواصلة العمل والحفاظ على اقتصادها، وهؤلاء المهاجرون هم من يعملون على ازدهار سوق العقارات في ألمانيا وجلب الثروات إلى أرباب العمل الألمان.
إذًا أين سيذهب الأثرياء الألمان بأموالهم؟ بالطبع إلى لندن القلب المالي للعالم، إذ تمر تريليونات الدولارات عبر لندن يوميًّا، وتعمل المملكة المتحدة على إدارة كل هذه الأموال باهتمام بالغ، فحتى عام 2016 أسهمت الصناعة المالية بنحو 180 مليار دولار في المملكة المتحدة سنويًّا، وأسهمت في احتفاظ أكثر من مليون شخص بعملهم، وبهذا أصبح قطاع المال هو الأكثر ربحية في الاقتصاد الإنجليزي.
الفكرة من كتاب سطوة الدولار: رحلة مذهلة لدولار أمريكي لفهم طبيعة الاقتصاد العالمي
في رأيك أين يذهب الدولار الذي ينفقه المواطن الأمريكي؟ هل تعتقد أن الدولارات تنتهي بها الحال في الأسواق والمحلات التجارية أو البنوك المركزية؟
أنا أيضًا فكرت في هذين الاحتمالين المنطقيين، لكن ما لم أضعه في الحسبان أن يحزم الدولار أمتعته ويترك موطنه استعدادًا لرحلة طويلة جدًّا يجوب فيها الأرض من مشرقها إلى مغربها، فارضًا سطوته وسلطته، فهل أستطيع أن أنقل إليك حماستي لتتبع هذه الرحلة والتشوق لفهم خباياها؟ إذا نجحت في ذلك فدعنا لا نُضيع الوقت ونستعد للانطلاق في رحلتنا الآن.
مؤلف كتاب سطوة الدولار: رحلة مذهلة لدولار أمريكي لفهم طبيعة الاقتصاد العالمي
دارشيني ديفيد: عالمة اقتصاد وكاتبة ومذيعة بريطانية، درست الاقتصاد في كلية داونينج «Downing College» بجامعة كامبريدج، تشغل حاليًّا وظيفة كبيرة مراسلي الشؤون الاقتصادية في «BBC»، وقد سبق لها العمل في بنك «HSBC Investment Bank»، وشركة «Tesco»، كما عملت مراسلة ومقدمة أخبار في شبكة «Sky News» البريطانية، ولها مؤلف آخر بعنوان:
Environomics: How the Green Economy is Transforming Your World
عن المترجمة:
سارة فاروق: مترجمة مصرية، تخرجت في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الألسن عام ٢٠١١م بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، تعمل مترجمة أولى لدى مؤسسة «هنداوي»، وسبق لها العمل في الترجمة لدى مجلة «نيتشر»، ومنظمة الصحة العالمية، وشركة «نجوى» للتعليم الإلكتروني، ومن ترجماتها:
«التسويق | مقدمة قصيرة جدًّا».
«عدالة الآنسة بيم».
«قطعة لحم».