عفوًا لم أسمعك
عفوًا لم أسمعك
لنتخيل أنك الآن بصحبة صديقك المفضل، وهو يحدثك عن اهتمامه بمجال التصوير، وأنت تبدو مهتمًّا وصديقك واثق أنك تستمع له، لكن دعنا نُلقِ نظرة عن قرب داخل عقلك ونضع أفكارك تحت عدستنا المكبرة، حسنًا هذه فكرة عن خيارات الطعام اليوم، وهذه فكرة أخرى عن مظهر صديقك، وتلك فكرة عن مديرك في العمل، ولا توجد أفكار عن التصوير أو نبرة صوت صديقك أو لغة جسده، والآن دعني أطرح عليك سؤالًا مهمًّا، هل تسمع صوت صديقك فقط أم تستمع له؟ إذ يبدو من أفكارك أنك فقط تتلقى الصوت لا المضمون، وهذا يا صديقي ما يقع فيه معظمنا عند الحديث مع زملاء العمل أو الأصدقاء وحتى العائلة، نحن نسمعهم ولا نستمع لهم، وذلك بسبب شرودنا في أفكارنا الخاصة، فما الحل؟
لحسن الحظ توجد حلول عدة لهذه المشكلة، وإليك بعضها: ابذل جهدًا في حجب عوامل التشتت الخارجية من خلال اختيار مكان مناسب بعيد عن الضوضاء لإجراء الحوار، ووضح للطرف الآخر أنك تستمع له، فهذا يساعدك على التركيز على عملية الاستماع، ويمكنك فعل ذلك عن طريق الحفاظ على التواصل البصري، أو تكرار ما يقوله الطرف الآخر بصياغتك الخاصة، وذلك حتى تؤكد عدم تفويتك للمعلومات، واهتم بطرح الأسئلة المناسبة، فعلى سبيل المثال لا تسأل صديقك عن نتيجة مباراة البارحة وهو يحدثك عن اهتمامه بالتصوير، واطلب التوضيح وتكرار الكلمات في حالة تشتتك، فهذا يبرز نيتك للاستماع وعدم تفويت النقاط المهمة.
ولا يكفي أن تكون مستمعًا جيدًا فقط، فبعد هذه الخطوة تأتي خطوة مهمة وهي الانتباه، ونعني به رد فعلك الإيجابي على كلمات مُحاورك حتى لو اختلفت معه، فأنت تعبر عن احترامك لأفكاره وتقديرك لمشاركته في حوار إيجابي، كما تهتم بخلق مساحة مشتركة للحوار تفيدكما معًا، بالإضافة إلى حرصك على تجنب ردود الفعل المتسرعة بناءً على الأحكام المسبقة والتحيزات، والأهم هو اعتذارك في حالة مقاطعة الطرف الآخر أو استخدام نبرة صوت غير مناسبة، وهذه التصرفات كلها في سبيل ممارسة حوار إيجابي يشعر الأشخاص فيه بالراحة، وهو ما يسهل تقبل الأفكار الجديدة وتغيير المعتقدات الخطأ.
الفكرة من كتاب أنا أقول فحسب: فن الحوار المتحضر: دليل للحفاظ على تواصل مهذب في عالم منقسم بشكل متزايد
“حسنًا أنا على حق! لقد هزمتهم في النقاش، وجهة نظري دائمًا صائبة!”، أريدك أن تفكر يا صديقي في آخر عدة نقاشات خُضتها، وأخبرني.. هل فكرت في هذه الجمل أو حتى صرّحت بها في نهاية النقاش؟ إذا أجبت بـ”نعم” فهذا يعني أنك لم تخُض نقاشات إيجابية، وإنما دخلت مصارعة بنية الفوز، ولم تستمع لغير كلماتك وأفكارك الخاصة.
ولا داعي إلى القلق، إذ يدل وجودك هنا على اهتمامك بحل هذه المشكلة، فدعني أصطحبك في رحلة قصيرة تعرف فيها قواعد الحوار المتحضر، فما الحوار المتحضر إذًا؟ وهل للفوز أهمية؟ وكيف تكون مستمعًا جيدًا؟ وأخيرًا كيف تخلق مساحة حوار مشتركة مع الأشخاص المختلفين؟ يجيب كتابنا عن هذه الأسئلة وغيرها الكثير.
مؤلف كتاب أنا أقول فحسب: فن الحوار المتحضر: دليل للحفاظ على تواصل مهذب في عالم منقسم بشكل متزايد
ميلان كوردستاني: رائد في مجال الأعمال، ومدافع عن البيئة، إذ تمحورت دراسته حول تأثير البشر في الأنظمة البيئية، وهو ما دفعه إلى البحث عن حلول جماعية باستخدام الحوار المجتمعي، ولذلك حوّل تركيزه إلى تشجيع الجيل القادم على إيجاد المساحات المشتركة التي تسمح للجميع بالمشاركة في عملية التغيير الإيجابي، وأنشأ ميلان منظمات عدة تسعى إلى تقديم حلول مستدامة عبر تحسين عملية الخطاب المدني وتنمية الثقافة العامة.
ملحوظة: لا توجد ترجمة عربية لهذا الكتاب.