أسطورة الجمال والحميات الغذائية ومحاربة التقدم في السن
أسطورة الجمال والحميات الغذائية ومحاربة التقدم في السن
لدى النساء شعور دائم بالقلق من تناول الطعام والوزن الزائد، إذ تقمع الثقافة الحديثة الشهية الغذائية عند النساء، وصارت شهية النساء للطعام تجسيدًا جديدًا للعار الاجتماعي، ومن ثم أصبحت زيادة الوزن تُشعر النساء بأنهن لسن ذوات قيمة من الناحية الجنسية، كانت النساء قبل الثورة الجنسية في الستينيات عفيفات جنسيًّا طاعة للإله، أما اليوم فهن عفيفات غذائيًّا طاعة لإله الجمال، فأصبحت المسبحة عدادًا للسعرات الحرارية، وأصبح تجعد الوجه وتشققه دليلًا على الفسق والخطايا، ليس هذا فحسب، فالنساء اللاتي لديهن شحوم يخفينها تحت ملابس الشتاء يخشين قدوم فصل الصيف حيث تعرية الجسد، فقد جاء في أحد إعلانات فقدان الوزن: “ستظهر كل لقمة طعام في وركيكِ، سيكشف جلدك ما أكلتِ”، بهذه التحذيرات تتعلم النساء الخوف من إله الجمال الذي لا يخفى عليه شيء! وقد استغلت بعض الشركات أسطورة الجمال ورسخت مفهوم المراقبة، مثل شركة Weight Watchers التي تدفع لها النساء مقابل مراقبة أوزانهن، وإخبارهن بما يجب أن يفعلن!
إن دين الجمال هذا ليس كأي دين، فالتضحيات لا تدوم، إذ تشير الإحصاءات إلى أن 98% من النساء المنتظمات على الحميات الغذائية يستعدن الوزن الذي فقدنه، ويقول لنا “برومبرج | Bromberg”: إن صناعة الحميات لذة رجال الأعمال، لأن سوقها دائمة التجدد ذاتيًّا، متوسعة جوهريًّا. كما نجحت إعلانات مستحضرات التجميل ذات اللغة الفارغة في ستر حقيقة أن كريمات البشرة ما هي إلا كذبة كبيرة، فشركات التجميل تبيع للنساء اللا شيء، وهي شيء مقنع للسرقة التجارية! والأمر نفسه ينطبق على محاربة الشيخوخة، فرغم خضوع النساء لعمليات تجميل جراحية، فإن تقدمهن في السن يستمر بمعدل استمرار النساء اللاتي لم يخضعن لأي عمليات تجميلية جراحية.
إن الهدف من التفكير في الوزن والسن أن تقطع النساء جميع العلاقات مع الماضي، فتنظر المرأة إلى جميع صورها التي تبدو فيها سمينة وتدمرها، وتقول لنفسها أنا الآن امرأة جديدة. إن دين الجمال ليس للمرأة نفسها كما يُروَّج، بل هو لتلبية رغبة جميع الرجال حول العالم، لذا فأي امرأة تستسلم للأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية أو تدنس جمالها بمواد غير جيدة ومستحضرات تجميل رخيصة، هي امرأة مذنبة تستحق العقاب على ما اقترفته! وهذا يمنع النساء من الشعور بالراحة في أجسادهن.
الفكرة من كتاب أسطورة الجمال.. كيف تستخدم صور الجمال ضد النساء؟
تُناقش المؤلفة في هذا الكتاب معايير الجمال غير الواقعية التي تلهث وراءها النساء، وتشير إلى أن البحث الحثيث وراء الجمال زاد بشدة نتيجة تأثير وسائل الإعلام، وتبين أن ذلك يشكل ضغوطًا كبيرة على النساء والرجال معًا وهو ما يؤدي إلى تصرفات غير سليمة واهتمام مبالغ فيه، وتستعرض آليات عمل أسطورة معايير الجمال في العمل والمجالات الإعلامية، وتوضح أن معايير الجمال الخرافية التي تركض وراءها النساء تعمل على إضعافهن نفسيًّا وجسديًّا، وتسلب رضاهن عن أنفسهن وتقديرهن لذواتهن، كما أنها تشكل عنفًا، النساء أنفسهن مسؤولات عنه.
مؤلف كتاب أسطورة الجمال.. كيف تستخدم صور الجمال ضد النساء؟
نعومي وولف: كاتبة سياسية، وكاتبة غير روائية أمريكية، عملت مستشارة سياسية لآل جور وبيل كلينتون. من مؤلفاتها:
Promiscuities: The Secret Struggle for Womanhood
The End of America: Letter of Warning to a Young Patriot
Facing the Beast: Courage, Faith, and Resistance in a New Dark Age
معلومات عن المترجم:
إدريس محمود نجي: مترجم لعدد من الكتب والمقالات. من ترجماته:
الضمير وأعداؤه.. مواجهة عقائد العلمانية الليبرالية.
ممهدات الإلحاد الجديد.. صعود التطرف العلماني.