أسطورة الجمال وعلاقتها بالثقافة المجتمعية وتحولها إلى دين جديد
أسطورة الجمال وعلاقتها بالثقافة المجتمعية وتحولها إلى دين جديد
الصورة المثالية للنساء أصبحت تسلط الضوء على مفهوم الجمال بشكل مفرط، مما يؤدي إلى تفاقم الضغط النفسي على النساء. تتمثل المعركة في التوازن بين تقدير الجمال المبالغ فيه وتقدير القيم الحقيقية للمرأة بغض النظر عن جاذبيتها الخارجية، وتعمل القصص ووسائل الإعلام على تسليط الضوء على النساء الجميلات، سواء كنّ مثيرات للاهتمام أم لا، بينما النساء غير الجميلات لا يجدن تمثيلًا ملائمًا في هذه القصص أو وسائل الإعلام، ومن ثم تتعلم الفتيات هذه الرؤية المشوهة للجمال والقيم المرتبطة به خلال مراحل حياتهن المبكرة، فيكنّ أكثر تأثرًا ببطلات الثقافة الجماهيرية كعارضات الأزياء والممثلات، وهو ما ينشئ تصوّرًا خطأً عن أنماط النساء الناجحات، ومن ثم يصبح تعزيز القيم الحقيقية للمرأة خلال مراحل نموها دون الضغوطات الجمالية المفرطة أمرًا صعبًا، إذ تكون أسطورة الجمال قد ترسخت في أذهان الفتيات، ما يقلل من قيمة الجوانب الداخلية والقدرات الشخصية.
تلعب المجلات النسائية دورًا مهمًّا في التغيير والتقرير التاريخي، فقد شهدت تطورات مهمة عبر العصور، ففي الفترة الفكتورية، كانت هذه المجلات تسلط الضوء على مفهوم الجمال الأنثوي، ومع بداية الحرب العالمية الأولى وضرورة مشاركة المرأة في الجهود الحربية، تحولت هذه المجلات لترويج دور المرأة في الحرب وأهمية عملها في مجالات الإنتاج والعمل التطوعي، وعند انتهاء الحرب العالمية الأولى، عادت المجلات النسائية إلى اهتمامها بالمواضيع المرتبطة بالجمال الأنثوي والأناقة، ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية، عادت تلك المجلات إلى التركيز على دور المرأة في دعم الجهود الحربية من خلال العمل المدفوع والتطوعي. وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وعودة الرجال من جبهات القتال
، حاولت المجلات النسائية للمرة الثانية ترويج مفهوم الجمال الأنثوي، لكن هذه المرة لم تكن الاستجابة كبيرة من قبل النساء، على العكس، فقد شهدت سوق العمل انخراطًا متزايدًا للنساء، إذ قررت نسبة كبيرة منهن البقاء في بيئة العمل بدلًا من العودة إلى المنزل، لكن في ظاهرة مفاجئة، بدأت المجلات النسائية في تسويق فكرة الأنوثة المتمثلة في الراحة والدفء والمنزلية بشكل مبالغ فيه، ما دفع ملايين النساء الأمريكيات إلى ترك وظائفهن والعودة إلى المنزل، ومع الوقت بدأ يزداد عدد النساء في سوق العمل، وبالتبعية بدأ التبشير بدين جديد يتمثل في “طقوس الجمال”، وأصبح الرجال يبجلون هذا الدين الجديد، وصار التصنيف على أساس الجمال أمرًا مسلمًا به من جميع الناس، كأنه ركن من أركان الإيمان في هذا العالم.
الفكرة من كتاب أسطورة الجمال.. كيف تستخدم صور الجمال ضد النساء؟
تُناقش المؤلفة في هذا الكتاب معايير الجمال غير الواقعية التي تلهث وراءها النساء، وتشير إلى أن البحث الحثيث وراء الجمال زاد بشدة نتيجة تأثير وسائل الإعلام، وتبين أن ذلك يشكل ضغوطًا كبيرة على النساء والرجال معًا وهو ما يؤدي إلى تصرفات غير سليمة واهتمام مبالغ فيه، وتستعرض آليات عمل أسطورة معايير الجمال في العمل والمجالات الإعلامية، وتوضح أن معايير الجمال الخرافية التي تركض وراءها النساء تعمل على إضعافهن نفسيًّا وجسديًّا، وتسلب رضاهن عن أنفسهن وتقديرهن لذواتهن، كما أنها تشكل عنفًا، النساء أنفسهن مسؤولات عنه.
مؤلف كتاب أسطورة الجمال.. كيف تستخدم صور الجمال ضد النساء؟
نعومي وولف: كاتبة سياسية، وكاتبة غير روائية أمريكية، عملت مستشارة سياسية لآل جور وبيل كلينتون. من مؤلفاتها:
Promiscuities: The Secret Struggle for Womanhood
The End of America: Letter of Warning to a Young Patriot
Facing the Beast: Courage, Faith, and Resistance in a New Dark Age
معلومات عن المترجم:
إدريس محمود نجي: مترجم لعدد من الكتب والمقالات. من ترجماته:
الضمير وأعداؤه.. مواجهة عقائد العلمانية الليبرالية.
ممهدات الإلحاد الجديد.. صعود التطرف العلماني.