نهضة الفكر والمعرفة
نهضة الفكر والمعرفة
لم تكن رؤية الملك عبد العزيز تقتصر على تحقيق الانتصارات في ميادين القتال فحسب، بل كانت تشمل أيضًا النهوض بالتعليم والثقافة في جميع أنحاء المملكة، ومن أبرز مظاهر اهتمامه بالتعليم، قراره بإنشاء “دار التوحيد” في مدينة الطائف، وهي مؤسسة تعليمية كبيرة توافرت فيها كل وسائل الراحة والخدمات الضرورية لكل من الطلاب والأساتذة، وقد تم اختيار نخبة من أفضل العلماء والأساتذة من داخل المملكة وخارجها للعمل في هذه الدار، كما تم تشكيل لجنة لاختيار الشباب الذين تتوافر فيهم مقومات الكفاءة للالتحاق بها.
ومع ذلك لم يدرك بعض أولياء أمور الطلاب المرشحين لدخول الدار الغايات النبيلة التي أُنشئت من أجلها، فطلبوا من الملك إعفاء أبنائهم من الانضمام إليها، فجاء رد الملك حاسمًا قويًّا، إذ قال: “يا أشباه الرجال ولا رجال، أنتم تريدون أن يكون أولادكم مثل الثيران والبهائم، ونحن نريد أن يكونوا علماء أفاضل ينيرون الطريق ويفهمون أمر دينهم ودنياهم، فلا سبيل للإعفاء”، وبالفعل التحق التلاميذ بالدراسة مع زملائهم ونجحوا، وأصبحوا في ما بعد من خيرة الرجال الذين خدموا وطنهم بإخلاص.
ولم يقتصر اهتمام الملك عبد العزيز على التعليم فقط، بل شمل أيضًا الاهتمام بتحسين أوضاع العاملين وإعطائهم الأجور التي يستحقونها، فقد نقل الشيخ حمد الجاسر أنه حينما كان قاضيًا في بلدة ضبا وتوابعها، كانت رواتب القضاة ضئيلة جدًّا، لا تتجاوز 60 ريالًا، بينما كانت رواتب موظفي المالية وغيرهم أعلى بكثير، وحينما أبلغ جلالته الخبر، أصدر بعد ثلاثة أيام أمرًا للجهات المختصة بزيادة رواتب القضاة لتصبح لا تقل عن مئة وعشرين ريالًا، وهو مبلغ كان يُعد كبيرًا في ذلك الوقت.
الفكرة من كتاب عبد العزيز في التاريخ: تاريخ وآداب
بين رحاب الصحراء الشاسعة، ظهرت شخصية فريدة صنعت من المستحيل حقيقة، ومن التفرق قوةً ووحدةً، إنه الملك عبدالعزيز آل سعود، القائد الذي خطّ بأحرف من إرادة وإصرار فصلًا جديدًا في تاريخ العرب. في هذه الكتاب سنكتشف معًا مواقف هذا الملك الفذّ الذي نجح في توحيد الجزيرة العربية، وجهوده الجبارة في نشر العلم والثقافة في أرجائها.
مؤلف كتاب عبد العزيز في التاريخ: تاريخ وآداب
حمد إبراهيم الحقيل: هو الشيخ حمد بن إبراهيم بن عبد الله بن إبراهيم بن سليمان بن محمد الحقيل، ولد في المجمعة عام 1338 هـ، وينحدر من أسرة عربية أصيلة تعود أصولها إلى قبيلة وائل ربيعة، بدأ حياته العملية إمامًا لقصر الحكومة في المجمعة عام 1353 هـ. في عام 1367 هـ عُيِّن إمامًا ومرشدًا ومفتيًا للجيش السعودي الذي أُعد لمحاربة اليهود في فلسطين، وأدى واجبه بإخلاص وكفاءة. بعدها تولى منصب قاضٍ، وعمل في عدة محاكم منها: محكمة الأحساء، ومحكمة الدمام، ومحكمة ضرمي، ومحكمة الزاحمية، وقد شغل منصب رئيس محكمة الخرج
اشتُهر بالعدل في القضاء، وسرعة البت في القضايا، فهو لا يخشى لومة لائم، ولا يداهن أحدًا بل يأخذ بيد الضعيف ويردع الظالم. كان الشيخ يهتم كثيرًا بالأدب العربي والتاريخ والفقه والأشعار العربية والشعبية، وكان يحفظ كثيرًا منها. عكف على دراسة علوم اللغة والشريعة والعروض ونظم الشعر، مما أسهم في غزارة إنتاجه الأدبي. ومن مؤلفاته:
كنز الأنساب ومجمع الآداب.
صيد القلم للشوارد والحكم.