توسعات ابن سعود: رحلة استعادة القوة وتوحيد المملكة
توسعات ابن سعود: رحلة استعادة القوة وتوحيد المملكة
لم يكن طموح ابن سعود مقتصرًا على حكم الرياض فقط، بل كان يسعى لاستعادة كل ما فقده أجداده، فبدأ بغزو ولاية القصيم، قريَةً تلو أخرى، حتى خضعت بالكامل لحكمه. واستمرت الأعوام التالية على هذا المنوال حتى تمكن من استعادة كل ممتلكات أجداده في نجد. خلال الشهور الأولى من عام 1904، استعد ابن الرشيد بدعمٍ من تركيا لاستعادة القصيم، ولكن ابن سعود تصدى لهذا التهديد بشجاعة ونجاح، واستمرت المعارك الشاقة قرابة الستة أشهر، إذ أثبت حلفاء آل سعود أنه يمكن الاعتماد عليهم. وكانت عودة مرض الزهري بين جنود الأتراك وصعوبة المناخ الصحراوي القشة التي قصمت ظهر البعير، مما دفع الأتراك لفتح باب المفاوضات مع آل سعود، التي انتهت بسحب القوات التركية من بلاد العرب إلى العراق والمدينة.
لم يقبل ابن الرشيد بهذا التراجع، فاستغل غياب ابن سعود عن القصيم واحتلها، وأنزل بأهلها قسائم من العذاب، حتى أخذوا يطالبون بعودة ابن سعود. وتمكن ابن سعود من تنفيذ رغبتهم بعد معركة طاحنة في عام 1906 أنهت القتال بين الأسرتين، ومهدت للأمير عبد العزيز الطريق لمواجهة أعدائه الواحد تلو الآخر بعد أن استقرت قدماه في البلاد، وأدركت بذلك تركيا مدى قوة ابن سعود، فعادت لفتح باب المفاوضات معه من جديد لضمان بقاء القصيم والأحساء تحت الحكم التركي، إلا أن ابن سعود لم يكن ليوافق بذلك أبدًا، فانتهت المفاوضات بأن لابن سعود السيادة على كل صحراء العرب عدا ولاية الأحساء، التي بقيت تحت السلطة التركية.
في عام 1913، طهر ابن سعود الأحساء من الأتراك في غضون ثلاثين يومًا فقط! وواصل توسيع أراضيه حتى حدود عمان. وبحلول عام 1924، تمكن ابن سعود من فتح مكة المكرمة ثم جدة، ليكمل فتح الحجاز في العامين التاليين، ويعلن نفسه ملكًا على الحجاز في حفل ضخم ضم شيوخ هذا البلد الكريم.
الفكرة من كتاب مذكراتي السياسية مع الملك عبد العزيز آل سعود
لنتحدث عن أحد الفصول المدهشة في تاريخ الجزيرة العربية، حيث تتشابك الصراعات مع الطموحات والتحولات الكبرى! ينقل إلينا فيلبي عن قرب قصة شاب، وقصة دولة، إذ يعرض لنا بدقة كيف تمكن عبد العزيز بن سعود من توحيد وتأسيس المملكة العربية السعودية، ويسرد علينا رحلة هذا القائد الملهم، الذي لم يكن له هم سوى تحقيق حلمه في جمع شتات قبائل الصحراء تحت راية واحدة، وبناء دولة قوية ومزدهرة. وقد وقف بثبات وعزيمة وإيمان أمام كل التحديات والصراعات والأزمات التي واجهها، وتجاوزها جميعًا، ليحقق حلمه ويغير مستقبل المنطقة، ويجعلها واحدة من أغنى بقاع الأرض!
مؤلف كتاب مذكراتي السياسية مع الملك عبد العزيز آل سعود
هاري سانت جون بريدجر (عبد الله) فيلبي: مستعرب ومستكشف وكاتب، كان ضابطًا بريطانيًّا له دور بارز في إعادة تشكيل خريطة الشرق الأوسط بعد الحرب العالمية الأولى. فقد كان له تأثير كبير في تكوين الدول العربية التي نشأت عقب انهيار الإمبراطورية العثمانية، وأسهم بشكل كبير في تحديد حدودها الجغرافية والسياسية. وصل فيلبي إلى الشرق الأوسط في عام 1914، كان هدفه الأساسي ليس فقط خدمة مصالح بريطانيا، بل أيضًا أن يصبح “أعظم مستكشفي الجزيرة العربية”. كانت رحلاته الاستكشافية في الجزيرة العربية مليئة بالتحديات، إذ واجه صعوبات بسبب السياسات البريطانية التي حاولت تقييد تحركاته، خصوصًا بعد دعمه للأمير عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود.
اعتنق فيلبي الإسلام في عام 1930، وعُرف بعدها بـ”الحاج عبد الله فيلبي”، وذلك بعد أن قضى سنوات طويلة من العمل والتجوال في العالم العربي، وقد كان إسلامه جزءًا من تحوله الشخصي وافتتانه العميق بالثقافة والحضارة العربية التي كان يدرسها ويستكشفها. له العديد من المؤلفات عن الفترة التي قضاها في شبه الجزيرة العربية، من أهمها:
تاريخ نجد ودعوة محمد بن عبد الوهاب السلفية.
بعثة إلى نجد 1336-1337هـ / 1917-1918م.
مذكرات فيلبي في العراق والجزيرة العربية 1915-1921م.