الملك فيصل.. حكمة الفطرة وعبقرية الدبلوماسية
الملك فيصل.. حكمة الفطرة وعبقرية الدبلوماسية
كان الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود قائدًا يمتاز بتوازن فريد بين الحكمة والمرونة، وقدرة على التفاعل مع الطبيعة البشرية بعمق ووعي. وكان يؤمن بأن الفطرة البشرية تحمل في طياتها مسارات عديدة للتغير والنمو، ولم يكن يسارع في الحكم على الأفراد بناءً على التحولات الظاهرة في سلوكهم، بل كان يترك للتغيرات الوقت الكافي لتأخذ مجراها، مفضلًا مراقبة النتائج قبل أن يصدر حكمه النهائي، كما كان يتيح للآخرين فرصة لإدراك تلك التغيرات، وكثيرًا ما كان يفضل التقييم الصامت الذي يعكس قدرته على التعامل مع الأمور بعقلانية ودون تعجل. هذا الأسلوب أظهر أنه قائد يدرك أهمية السماح للفطرة بالظهور والتعبير عن نفسها، ويختار بعناية متى وكيف يتدخل في توجيهها.
في سياق السياسة الدولية، أظهر الملك فيصل منذ شبابه موهبة فريدة في إدارة القضايا المعقدة، خصوصًا خلال فترة عضويته في عصبة الأمم. كانت تلك الفترة مليئة بالتحديات السياسية التي أوجدتها القوى الكبرى لتعميق الانقسامات داخل الأمة العربية. لكن الملك فيصل برز بوصفه زعيمًا يملك فطرة عربية أصيلة، وعدَّ مصالح الشعوب العربية وحدة لا تتجزأ. لقد أدرك أن نجاحه في حل القضايا السياسية لم يكن يقتصر على مصلحة بلاده فقط، بل كان يسعى لتحقيق الوحدة والمصلحة المشتركة للأمة العربية ككل. وصفه السيد بدوي باشا، ممثل مصر في عصبة الأمم، بأنه شاب موهوب تمكن من كسب احترام ومحبة أعضاء الهيئة، مما يبرز قوته الدبلوماسية وقدرته على توجيه الشؤون الخارجية بحكمة وإخلاص.
في إحدى اللقاءات الشخصية التي جمعت أحد السياسيين بالملك فيصل، برزت عظمة شخصيته واتساع أفقه وحلمه، إلى جانب صبره اللا محدود في مواجهة التحديات. كان اللقاء مليئًا بالمناقشات عن الأحداث العصيبة التي كانت تمر بها المنطقة العربية والسعودية تحديدًا، حينها، كان الملك فيصل ولي عهد المملكة ونائب رئيس مجلس الوزراء، وأظهر استعدادًا للاستماع بكل اهتمام وإعطاء الوقت الكافي لمناقشة كل ما يهم الوطن. انتهى اللقاء بتوجيه رسالة قوية إلى كل من يجد في نفسه الإخلاص الحقيقي لخدمة وطنه، داعيًا الجميع للوقوف صفًّا واحدًا وبذل أقصى جهد لأداء الواجب. كانت تلك الدعوة تعكس التزام الملك فيصل الراسخ بخدمة بلاده وشعبه، وإيمانه بأن التعاون والإخلاص هما السبيل لتحقيق النجاح والرفعة للأمة.
الفكرة من كتاب صفحات مطوية من حياتي: مع المغفور له الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله – الجزء الأول
يعرض الكاتب بأسلوب رصين وسرد تاريخي دقيق المواقف والتحديات التي واجهها الملك فيصل خلال فترة حكمه، والتي كان لها دور كبير في تشكيل سياسة المملكة العربية السعودية والعالم العربي بأسره. يركز المؤلف على العوامل التي أسهمت في بناء شخصية الملك فيصل القيادية، بدءًا من نشأته في فترة مليئة بالتحديات السياسية والاجتماعية الكبرى، مرورًا بمواقفه الحاسمة في مواجهة الأزمات الدولية، وانتهاءً بإرثه الذي تركه للأمة الإسلامية.
مؤلف كتاب صفحات مطوية من حياتي: مع المغفور له الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله – الجزء الأول
حسن محمد عبد الهادي كتبي: ولد في شهر شعبان عام 1329هـ في مدينة الطائف. حفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب، ثم التحق بمدارس الفلاح بمكة المكرمة، وهي مدرسة تعتمد على برامج مشابهة للأزهر الشريف. ثم التحق بالقسم العالي المتخصص في دراسة الشريعة في مدرسة الفلاح في بومباي بالهند، وتخرج فيها عام 1350هـ. وفي عام 1350هـ أسندت إليه مديرية المعارف العامة لتدريس القضاء الشرعي في المعهد العلمي السعودي.
من مؤلفاته:
هذه حياتي.
نظرات ومواقف.
سياستنا وأهدافنا.
ملامح من شخصية البلاد العربية المقدسة.