كيف نرى العالم من منظور الخوف؟
كيف نرى العالم من منظور الخوف؟
تتخذ ثقافتنا من الخوف منظورًا عامًا، أي تتبناه إطارًا شارحًا للشؤون والأحداث، بالإضافة إلى استخدامه في الاستشراف الفكري المستقبلي، وبسبب ذلك، انقلبت مجريات الحياة الطبيعية إلى أخطار محدقة مستقبلية، مما أثر على عادات البشر وسلوكياتهم، والأخطر، أنه غدا الدافع الأقوى لتصرفاتهم، ووضعه كحجر أساس للنظام الاجتماعي الحديث، فجميع القيم التي حافظت على تماسك المجتمع تآكلت، واضطر الناس للبحث عن مصدر جديد للشرعية، قيمة ضرورية تدفع المرء لبذل المجهود والتحرك، حتى وجدوا ضالتهم في الخوف.
من سمات منظور الخوف الهوس بالمخاطرة، أيًا كان حجمها، واعتبارها تشكل خطرًا مطلقًا، وهو ما يوسع دائرة الخطر، لتضم أفعالا مثل الحمية الغذائية، فسواء اتبعتها أم لم تتبعها، هناك مخاطر في الحالتين، ويحاول العلم تقييم المخاطر، رغبة في إزالتها أو تقليلها، وهو ما أنتج مؤسسات جمدها الخوف، يقودها أفراد يرفضون احتمالية النتائج، ويطلبون الخوف في المطلق، ويتوقعون حدوث الأسوأ، وبالطبع، ذلك مناخ مثالي للاستغلال السياسي، فبرعت السلطة في تسييس الخوف، أي ترويج وتوظيف الخوف المجتمعي لخدمة القضايا السياسية، تخيل الخوف كبطاقة، يمكن أن يلعب بها الجميع لتحقيق مصالحهم.
ما هو السيناريو السياسي المستقبلي المطروح أمامنا؟ تتنبأ جميع الخطابات السياسية بسيناريوهات سوداوية، وترفع سقف قدرة البشر على ارتكاب الفظاعات، فلا حد لشر البشر، وينعكس ذلك الخوف السوداوي في العلاقات الإنسانية، لينتج مساحة واسعة من المصطلحات النفسية الواصفة لسلوكيات الأذى، بالإضافة إلى ارتفاع مستوى الجرائم، وتوقع تزايد بشاعتها درجة ومعدلا.
الفكرة من كتاب كيف يعمل الخوف؟ ثقافة الخوف في القرن الواحد والعشرين
انتشر مصطلح ثقافة الخوف في أدبيات علم الاجتماع، وزادت نسبة الاهتمام به، وبذل عدة باحثين مجهودات ضخمة لتتبع الخوف، وتحديد مظاهره وسماته وتاريخه، وكلما تعمقوا في البحث، تيقنوا أن للخوف تأثيرًا ضخمًا على حياتنا وعالمنا، بل قد يصبح الدافع الوحيد أما البشرية للتحرك إلى الأمام.
كيف نخاف؟ ومما؟ وما الذي يصنع مجتمعا خائفًا وآخر شجاعًا؟ وهل تغير خوفنا بتقدم العلم والمعرفة؟ ألم تعدنا الحضارة بالقضاء على الخوف، وبمستقبل خال من التهديدات؟ فما الذي تغير؟ سنجيب عن تلك الأسئلة رغبةً في فهم الخوف في القرن الواحد والعشرين، لعلنا نتمكن من إدارته وتنظيمه.
مؤلف كتاب كيف يعمل الخوف؟ ثقافة الخوف في القرن الواحد والعشرين
فرانك فوريدي: عالم اجتماع مجري ولد في بودابست بعام ١٩٤٧م، هاجرت عائلته من المجر إلى كندا بعد انتفاضة ١٩٥٦م الفاشلة، وحصل على درجة البكالوريوس في العلاقات الدولية في جامعة ماكجيل، ثم انتقل ليعيش في بريطانيا منذ عام ١٩٦٩م، ثم حصل على درجة الماجستير في السياسة الأفريقية من كلية الدراسات الشرقية الأفريقية، أتبعها بحصوله على درجة الدكتوراه من جامعة كينت عام 1987م. كرس عمله الأكاديمي لدراسة الإمبريالية والعلاقات العرقية واستكشاف علم الاجتماع، مؤلفا عدة كتب مثل:
أين ذهب كل المثقفين؟
سياسة الخوف.
معلومات عن المترجم:
كريم محمد: كاتب ومترجم مصري، من أعماله:
حتى تنطفئ النجوم.
سوف ننجو بأعجوبة.