ضوء في نهاية النفق
ضوء في نهاية النفق
ما زال هناك احتياج آخر شديد الأهمية، وهو توافر مراكز تأهيل لأطفال التوحد على مستوى عالٍ من الجودة والتخصص، فبعد أن امتلأت رحلة “آسر” بالتخبط بين المراكز السيئة وجد ضالته أخيرًا ولُبِّي احتياجه من خلال مركز يهتم به ويساعده على تطوير مهاراته وقدراته، فكيف كان ذلك المركز الذي كان بمنزلة الضوء في نهاية النفق؟ في البداية أجرى اختصاصيُّ المركز وفريقه بعض الاختبارات لتقييم حالة آسر من جميع المستويات والوقوف على نقاط قوته وضعفه، ثم وجه الأسرة إلى البحث عن طبيب مخ وأعصاب ليراجع الحالة ويصف دواءً مناسبًا
وطبيب تغذية ليصف له حمية خاصة، وكذلك وجههم للاشتراك في نشاط رياضي مناسب، وبعدها وُضع برنامج تأهيلي يناسب حالة آسر وقد بدأ بمعالجة الاضطرابات الحسية، وذلك بطريقتين: أولاهما تهيئة الواقع المحيط بالطفل، فلو كان الطفل يعاني من حساسية سمعية زائدة، كان علينا تقليل الضوضاء والمنبهات المفاجئة من حوله وهكذا، أما الطريقة الثانية فهي تهيئة الطفل للتعامل مع الواقع وهذه الطريقة أنفع، فمن خلالها نساعد الطفل على تقبل المثيرات المختلفة ونشجعه على التعامل معها، كما توجد العديد من التدريبات لعلاج الخلل الحسي سواء كان على مستوى السمع أم البصر أم الشم أم اللمس أم التذوق.
ومن أهم القواعد التي اتبعها الاختصاصي عند تنفيذ هذه التدريبات تقسيمُ المهارة المطلوب اكتسابها خطواتٍ بسيطةً وصغيرة، والاعتماد على تعزيز هذه المهارات بتقديم المكافآت المادية والمعنوية، والبدء بتقديم المساعدة بشكل كامل ثم سحبها تدريجيًّا حتى يتمكن الطفل من إتمام المهارة بإتقان وبمفرده، ومما يساعد أيضًا ربطُ المهارات الجديدة بتلك التي أصبحت مألوفة وممتعة عند الطفل، وإعطاء الطفل الفترة الكافية لاكتساب أي مهارة مع مراعاة تكرارها باستمرار.
وكذلك تصبح الجلسات أكثر فاعلية عندما يجلس الطفل في وضعية صحيحة ومريحة، ثم يستخدم الاختصاصي أساليب ووسائل مناسبة ليجذب انتباهه قبل البدء بالتدريب، ثم يتحدث بلغة مفهومة وواضحة بالنسبة إلى الطفل ويستخدم تعليمات وأوامر محددة ويعطي الطفل فرصة كافية للاستجابة، وكذلك عندما يهتم بالتركيز على أنشطة التواصل البصري والسمعي في أثناء الجلسة وينتبه لوسائل التواصل غير اللفظية، ويتدرج في تنفيذ الأنشطة من السهل إلى الصعب.
الفكرة من كتاب أيامي مع التوحد: حكاية إرشادية للأمهات
التوحد! ما معنى هذه الكلمة؟ هل هو اضطراب نفسي؟ وما علامات هذا الاضطراب؟ وكيف يكون الشخص المصاب به؟ هل يعيش بشكل طبيعي؟ وكيف تكون حال أسرته؟ ثم يا تُرى ما احتياجاته؟ وهل يمكن أن يجد هذه الاحتياجات ذات يوم ويحظى بحياة جيدة؟ كل هذه الأسئلة وأكثر سنجيب عنها من خلال رحلتنا مع “آسر”، الذي سنصحبه في مشواره مع التوحد منذ أيامه الأولى.. فإذا أردت يومًا أن تخوض رحلة تشعرك بإنسانيتك وتثير فيك العطف والرحمة والتفهم، فلن تجد فرصة أفضل من هذه.
مؤلف كتاب أيامي مع التوحد: حكاية إرشادية للأمهات
أحمد البكري: حاصل على ماجستير اضطرابات النطق والتوحد، وباحث دكتوراه في اضطراب الطيف التوحدي، ولديه مركز خاص بتأهيل أطفال التوحد وذوي الاحتياجات الخاصة.