التعامل مع الألم الانفعالي
التعامل مع الألم الانفعالي
في أيام المزاج السيئ قد تشتد علينا في بعض الأحيان وطأة مشاعرنا، لدرجة قد تسبب لنا الألم وتنغص علينا حياتنا، فنفكر في التخلص من تلك الانفعالات بالذهاب إلى المعالج النفسي، لنجد أن المعالج لا يحاول تخليصنا من تلك الانفعالات، لأنها ببساطة ليست عدوًّا لنا ولا صديقًا، فمشاعرنا المؤلمة لا تدل على أي خلل فينا، بل هي نتاج تخمينات ووجهات نظر تحاول أدمغتنا بها تفسير العالم من حولنا، ودورنا ليس التحكم في عملية إطلاق أدمغتنا للمشاعر، بل دورنا أن نتعلم كيف نصبح أكثر تحكمًا في تلك الحالات الانفعالية عند حدوثها، فبدلًا من الشعور بالسوء تجاه أنفسنا، لا بد أن نركز على دورنا في تحسين حالتنا.
وأول الأشياء الخطأ التي نفعلها تجاه مشاعرنا، استهلاكنا لطاقاتنا في دفع المشاعر وعدم التفكير فيها، وهذا فعل بلا فائدة، لأن مشاعرنا كأمواج البحر تعلو وتنخفض دائمًا، ومحاولتنا لإيقاف الأمواج عبثية بلا فائدة، وكل ما يمكننا فعله أمام أمواج مشاعرنا أن ندعها لتمر ونركز على إبقاء رؤوسنا فوق الماء، وبمجرد أن نتقبل طبيعتها المتقلبة الثقيلة وندعها تمر، نكون قد نجحنا في التعامل معها.
والخطأ الثاني في التعامل مع مشاعرنا أن نعاملها على أنها حقائق، وليست مجرد تخمينات ومنظورات تستخدمها عقولنا من أجل فهم العالم، ولهذا علينا أن نخطو خطوة للوراء ونتأمل ذلك التخمين الذي طرحته لنا عقولنا في صورة مشاعر، ونتساءل هل هو فعلًا انعكاس للواقع أم مجرد منظور من المنظورات التي يمكننا تبنيها -إذا أردنا- للتعامل مع الواقع، فكن فضوليًّا تجاه مشاعرك وانفعالاتك المؤلمة واطرح الأسئلة لتتعلم النظر إليها من بعيد دون التعامل معها على أنها حقائق.
أما عن التحكم في مشاعرنا المتكررة فيمكننا بداية أن نعطيها اسمًا، فمشاعرنا ليست مقتصرة على السعادة والحزن والخوف والغضب، بل هي أوسع من ذلك وأكثر تركيبًا، وتسمية المشاعر ستمكننا من ملاحظتها كلما تكررت، وزيادة المفردات التي نعبر بها عن مشاعرنا وانفعالاتنا ستجعلنا نستطيع تمييز مشاعرنا وضبطها عند حدوثها واختيار الاستجابة الأنسب بهدوء، كما يمكننا أن نلجأ إلى سلوكيات تهدئة الذات التي ستمنحنا إحساسًا بالهدوء والأمان خلال عيشنا لأي تجربة مؤلمة، ففي أثناء مرور الدماغ بمشاعر الكرب يكون من المفيد أن نغذيه بمعلومات جديدة مفادها أننا في أمان، كأن نأخذ حمّامًا دافئًا، أو نتحدث مع صديق موثوق، أو نمارس تمارين الاسترخاء، أو نستنشق رائحة عطر توحي لنا بالأمان.
الفكرة من كتاب لماذا لم يخبرني أحد بهذا من قبل؟ أدوات يومية من أجل تقلبات المزاج
يواجه كثيرون منا في الوقت الحالي الحياة دون أن تكون لديهم معرفة كافية بكيفية التواصل مع أنفسهم وأفكارهم ومشاعرهم، أو التواصل مع الآخرين والتعامل مع انتقاداتهم، مما يعرضهم لمشكلات نفسية كالاكتئاب والقلق والتوتر وانحرافات المزاج، وبعض ممن يواجهون هذه المشكلات يتجهون إلى العلاج النفسي ليتفاجؤوا أن مشكلاتهم ليست بالضخامة التي يتصورونها، بل كلها يمكن حلها من خلال عدد من المهارات البسيطة التي مكنتهم من التعامل مع مشكلاتهم ومشاعرهم، لدرجة التعجب والتساؤل “لماذا لم يخبرني أحد بهذا من قبل؟
وهو التساؤل الذي عَبَّر عنه كثير من مرتادي عيادة الطبيبة جولي سميث النفسية، فألَّفَت هذا الكتاب الذي يحمل عنوانه السؤال نفسه، ويحتوي على المهارات البسيطة التي أهلت من أتوا إليها لعلاج انحرافات مزاجهم وخوفهم، والتعامل مع الخوف والانتقادات الموجهة إليهم، واستطاعوا بها مواجهة الحياة بشكل أكفأ وأكثر فاعلية.
مؤلف كتاب لماذا لم يخبرني أحد بهذا من قبل؟ أدوات يومية من أجل تقلبات المزاج
جولي سميث: طبيبة نفسية، لديها خبرة تزيد على العشر سنوات، اكتسبت شهرتها من خلال تقديمها نصائح حول العلاج النفسي عبر منصة Tiktok وغيرها من المنصات، وظهرت في كثير من البرامج كبرنامج GOOD MORNING BRITAIN، وتعمل مستشارة نفسية في برنامج LIFE HACKS على إذاعة BBC Radio 1، وصدر لها من الكتب حتى الآن:
لماذا لم يخبرني أحد بهذا من قبل؟
معلومات عن المترجم:
الحارث النبهان: مترجم سوري نقل عديدًا من الكتب والروايات الإنجليزية الشهيرة إلى اللغة العربية، ومن أشهر ترجماته:
فن اللا مبالاة.
قاعدة الثواني الخمس.
1984.