البروفيسور سيأكل حشرة إن فاز ترامب
البروفيسور سيأكل حشرة إن فاز ترامب
عند الحديث عن استطلاعات الرأي فإن أول ما يخطر ببالنا هو نتائج الانتخابات الأمريكية، ومعها أيضًا نتذكر القصص التي أخفقت بها استطلاعات الرأي في توقع النتيجة الصحيحة، ففي تاريخ قريب عام 2016 فاز “ترامب” على “هيلاري كلينتون” مخالفًا بذلك نتائج استطلاعات الرأي، وكان البروفيسور بجامعة برينستون “سام وانج” يثق بفوز كلينتون اعتمادًا على استطلاعات الرأي، فصرح بأنه سيتناول حشرة إن حدث غير ما تنبأ به، ثم ظهر على الهواء مباشرة يأكل “جُدجُدًا” بعد إعلان نتائج الانتخابات، وها هنا نتساءل: هل استطلاعات الرأي دقيقة للدرجة التي نظنها؟ فبإرادتنا نسمح لها بتحديد من يحتفي به الإعلام ومن يتجاهله، ومن سيُرَوَّجُ أكثر في لحظات الانتخابات الأخيرة بشكل قد يؤثر في النتائج نفسها، فنكون أمام حقيقة أخرى، هل نحن بالفعل نمارس ديمقراطية حقيقية في ظل هذا التدخل الهائل لسطوة استطلاعات الرأي ومعها الأرقام والإحصاءات؟
عند النظر في أرقام استطلاعات الرأي ننسى أمورًا هامة مثل الظروف المحيطة بالاستطلاع، وإقصاء بعض الفئات، ومدى تمثيل العينة، فالعبرة ليست بعدد الأشخاص وإنما بمدى تمثيلهم لمجتمع الدراسة التي نجري الاستطلاع من أجلها، مثال على ذلك: تمثيل عينة استطلاع الرأي قبل الانتخابات للمجتمع الأمريكي المؤهل للانتخاب. ويجب ألّا ننسى أن العينات الصغيرة للغاية قد تأتي بنتائج مزيفة أيضًا، وطريقة صياغة الأسئلة في نموذج استطلاع الرأي وما قد يتضمنه من تحيز وتوجيه نحو خيارات بعينها يؤثر بدرجة كبيرة في مدى صحة الأرقام التي نطلع عليها، لذا تعامل مع أرقام الاستطلاعات على أنها ليست حقائق مدققة، وإنما كأنك تنظر عبر نظارة يغلفها ضباب خفيف، سترى بعض المعالم أمامك، لكنها ليست واضحة التفاصيل تمامًا.
الفكرة من كتاب الكتاب الأكثر مبيعًا على الإطلاق: كيف تقودنا الأرقام وتضللنا
ما أول شيء لفت انتباهك إلى هذا الكتاب؟ بالطبع إنه العنوان، سوف يدفعك الفضول إلى الاطلاع على الكتاب الذي قرر القراء أنه يستحق تصدر مبيعات متاجر الكتب في هولندا لمدة يعتد بها، وقبل البدء في الكتاب رغبت الكاتبة، من خلال لفت النظر إلى هذا العنوان، بأن ترينا أي مكانة نوليها للأرقام في حياتنا وخياراتنا، فبينما كانت تجري بحثًا حول الفروقات الكبيرة بين الموارد المالية للناس في بوليفيا وتأثيرها في سعادتهم، سألتهم عن الرقم الذي يقدرون به سعادتهم من واحد إلى عشرة، كانت الإجابات تتكرر: واحد، واحد، دون اختلاف مع تغير أسئلة الاستبيان
تسببت تلك الدراسة في تقويض الثقة الكبيرة التي توليها المؤلفة للأرقام منذ صغرها، فلم تستطع اختزال حياة النساء الكادحات اللاتي طرحت عليهن أسئلتها في رقم على مقياس من عشرة أرقام، واكتشفت أن ما يهم هو القصص المختبئة خلف ما نرصده من أرقام. وحاليًّا تحدد الأرقام ماذا نأكل، وأي شيء نشرب، ولمن نمنح صوتنا الانتخابي، ومن نتزوج، وهل سنحصل على الوظيفة التي نريدها أم لا، فتخبرنا المؤلفة من خلال هذا الكتاب أن من الصعب بعد معرفة تلك الأخبار أن نحصن أنفسنا ونتجنب الأرقام تمامًا، فنحن نحتاج إليها بالفعل، لكن نحتاج فقط إلى التمييز بين ما نراه أمامنا من استخدام صحيح للأرقام أو تلاعب، وهل الأرقام في حياتنا بمنزلتها الحقيقية أم لها أولوية في الاختيار والتصديق تسبق العوامل الأخرى المهمة.
مؤلف كتاب الكتاب الأكثر مبيعًا على الإطلاق: كيف تقودنا الأرقام وتضللنا
سان بلو: صحفية هولندية ومحررة حسابية لصالح منصة كوريسبوندانت، حاصلة على الدكتوراه في الاقتصاد القياسي من كلية إيراسموس للاقتصاد.
معلومات عن المترجم:
نور العيون حامد: مترجم ومحقق، له عديد من الترجمات، مثل:
الإصدار الأصفر.
فراشة طوكيو – الحب أو السلطة؟