نظريتا العزو والِسْكِيما
نظريتا العزو والِسْكِيما
هناك نظريتان لهما تأثير كبير في عالم السياسة، النظرية الأولى: “نظرية العزو”: وتنص على أن البشر علماء بالفطرة، ومدفوعون بالكشف عن أسباب سلوكياتهم وسلوكيات غيرهم لفهم أنفسهم والمحيطين بهم، ومن ثم فهي تميز بين العوامل المتعلقة بالفرد (النزوعية)، والعوامل المتعلقة بالموقف (الموقفية)، وتبين أننا كثيرًا ما نقع في خطأ كبير عندما نعزو في بعض الأوقات سلوك الفرد إلى نزعاته الداخلية، وفي أحيان أخرى إلى الموقف، فمثلًا يعزو كثير من الناس نجاحهم وتفوقهم إلى أنفسهم، بينما يعزون فشلهم إلى الموقف، وفي سياق آخر يعزو الشخصُ الخطأَ الذي وقع فيه إلى الموقف، بينما يقلل من أهمية الموقف الذي وقع فيه شخص آخر.
النظرية الثانية: “الِسْكِيما”: وتنص على أن البشر يمارسون الاقتصاد العقلي، ويركزون على التصنيف لأنهم بخلاء معرفيًّا، فمثلًا إذا قال لك أحدهم إنه يفكر في شيء ما، وهذا الشيء له فراء وذنب ومخالب ويأخذه في نزهة، فسوف تدرك على الفور أنه يتحدث عن كلب، فأنت أدخلت كل معلومة قالها لك، وقارنتها بالسكيمات المخزنة في ذاكرتك، واستنتجت أنه يتحدث عن كلب، لكن في بعض الأحيان يؤدي الاعتماد على السكيمات إلى الوقوع في الأخطاء كما وقع فيها الرئيس الأمريكي ترومان، فعندما التقى بالزعيم السوفيتي ستالين، لاحظ ترومان أنه يشبه إلى حد كبير قدوته في الحزب “بِنْدِرْجَاسْت”، ونتيجة لهذا التشابه الظاهري تعامل ترومان مع ستالين بكثير من الود، وأخبر موظفيه أن ستالين شخص محل ثقة، وإذا قال كلمة مرة، فإنه يقولها في كل مرة ولا يحنث بها مثل بِنْدِرْجَاسْت، لكن ترومان لم يكن على حق، لأن ستالين خانه في النهاية!
الفكرة من كتاب علم النفس السياسي.. أوضاع، وأفراد، وحالات
يجيب المؤلف خلال صفحات الكتاب عن سؤال: لماذا يفعل الناس ما يفعلونه في سلوكهم العام؟ لينتهي إلى أن هناك نمطين أساسيين من المقاربات لفهم السلوك السياسي الإنساني، هما: المقاربة النزوعية التي ترى أن شخصية الفرد واعتقاداته وقيمه لها بالغ الأثر في انتمائه الحزبي وخصائصه الشخصية وقراراته، وحتى سلوكه الانتخابي، والمقاربة الموقفية التي ترى أن البيئة والموقف المحيط بالفرد أكثر أهمية من اعتقاداته وخصائصه الشخصية، وأنها هي التي تشكل سلوكه العام، وفي الأخير يستعرض بعض الظواهر التي خضعت للملاحظة العلمية، مثل الإرهاب وسلوك الناخب كتطبيقات لفهم النزوعية والموقفية.
مؤلف كتاب علم النفس السياسي.. أوضاع، وأفراد، وحالات
ديفيد باتريك هوتون: كاتب وأكاديمي بريطاني الجنسية، يعمل حاليًّا أستاذًا في جامعة وسط فلوريدا في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد عمل في السابق في عدد من الجامعات البريطانية والأمريكية، وهو من المهتمين بمجالات علم النفس السياسي، وصنع القرار في السياسة الدولية، والسياسة الخارجية الأمريكية والعلاقات الإيرانية الأمريكية. من مؤلفاته:
Losing an Empire, Finding a Role: British Foreign Policy Since 1945
A Citizen’s Guide to American Foreign Policy: Tragic Choices and the Limits of Rationality
U.S. Foreign Policy and the Iran Hostage Crisis
معلومات عن المترجمة:
ياسمين حداد: مترجمة أردنية الجنسية، حصلت على درجة الدكتوراه في علم النفس الاجتماعي من جامعة روتشستر في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد عملت في السابق أستاذة ورئيسة لقسم علم النفس بالجامعة الأردنية، وتعمل حاليًّا في جامعة الإمارات العربية المتحدة.