الصهيونية بوصفها حركة استعمارية وعلاقتها باليهودية
الصهيونية بوصفها حركة استعمارية وعلاقتها باليهودية
كان ظهور الصهيونية في منتصف القرن التاسع عشر راجعًا إلى دافعين أساسيين، الدافع الأول: البحث عن الأمان في مجتمع أوربي يرفض إدماج اليهود ولا يعدهم مواطنين متساوين في الحقوق، والدافع الثاني: الرغبة في محاكاة الحركات الوطنية التي انتشرت في أوربا في ذلك الوقت، إلا أن جذور الصهيونية ترجع إلى القرن الثامن عشر على يد مجموعة من الكتاب والشعراء والحاخامات الذين أحيوا اللغة العبرية، ودفعوا بالتعليم اليهودي ليشمل دراسة العلوم والأدب والفلسفة، ومن هؤلاء انبثقت مجموعة من الأشخاص الذين أبدوا ميولًا قومية وربطوا كتاباتهم بإحياء اللغة العبرية والنزعة القومية، وطرحوا فكرتين، الفكرة الأولى: إعادة تعريف اليهودية بوصفها حركة قومية، والفكرة الثانية: الحاجة إلى استعمار فلسطين وإعادة اليهود إلى وطنهم الأصلي الذي طردهم منه الرومان عام 70م، وقد اكتسبت هذه الأفكار شعبية كبيرة خصوصًا بعد اندلاع المذابح ضد اليهود في روسيا عام 1881م.
إذ رأى “تيودور هِرتزل” أنه لا أمل في إدماج اليهود في المجتمعات التي يعيشون فيها في أوربا، وأن الحل الأمثل لما أسماه “المشكلة اليهودية” هو إنشاء دولة يهودية في فلسطين، وقد قوبل هذا الحل بالرفض من اليهود في بادئ الأمر خشية إثارة التساؤلات بشأن ولائهم لدولهم القومية التي يعيشون فيها، كما عارضوا إعادة تعريف اليهودية بوصفها قومية وإنشاء دولة يهودية في فلسطين، وإلى جانب ذلك عارض اليهود الأرثوذكس الصهيونية بوصفها تدخلًا في مشيئة الرب في بقاء اليهود في المنفى حتى مجيء المسيح، بالإضافة إلى أنها عدّت الصهيونية محاولة لعلمنة الشعب اليهودي!
وبعد وفاة هِرتزل اعتمد من خلفه من الصهاينة على الكتاب المقدس بصفته دليلًا على وجود حق إلهي في أرض فلسطين، ومنذ تلك اللحظة صار الكتاب المقدس هو الذريعة وخارطة الطريق لاستعمار فلسطين، وقد أثبت الاتكاء على الكتاب المقدس مدى فائدته للمستوطنين الذي هاجروا إلى فلسطين، في حين كلَّف الشعب الأصلي الفلسطيني ثمنًا باهظًا، لأن الكتاب المقدس يحوي بين دفتيه إشارات إلى الإبادة الجماعية لغير اليهود!
ولأن الصهيونية حركة استعمارية استيطانية وليست كلاسيكية، فإنها لا تختلف نهائيًّا عن حركات الاستعمار الأوربي خصوصًا للأمريكتين، إذ تعمل مدفوعة بالاستيلاء على الأرض وليس السلطة كما في الاستعمار الكلاسيكي، ومن ثمَّ فإن أداتها المقبولة لإزالة عقبة السكان الأصليين هي إبادتهم، مثلما حدث في أمريكا الشمالية والجنوبية للهنود الحُمر، ومثلما حدث ويحدث الآن للفلسطينيين، وإذا لم ندرك ذلك، فإن أية محاولة من الفلسطينيين لمقاومة الصهيونية، سوف توصف بأنها إرهاب وعنف موجه ضد اليهود أصحاب الأرض الأصليين!
الفكرة من كتاب عشر خرافات عن إسرائيل
لفهم أي صراع بين طرفين لا بد من العودة إلى التاريخ للوقوف على فهم حقيقي يتيح فرصة للسلام، وفي موضوعنا تعرض الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لتضليل وتزييف تاريخي متعمد، وقد أدى ذلك إلى اضطهاد الفلسطينيين ودعم وحماية نظام قائم على الاحتلال والاستعمار، يعتمد التزييف والتضليل على الرواية التاريخية الصهيوينة، فالرواية الإسرائيلية الصهيونية تعتمد على عشر خرافات تلقي بظلال من الشك على الحق الأخلاقي الفلسطيني في الأرض، وتأخذ وسائل الإعلام الغربية هذه الخرافات بوصفها مسلَّمات لا تقبل الدحض، ومن ثمَّ يستعرض المؤلف هذه الخرافات ويرد عليها، قاضيًا بذلك على الرواية الصهيونية المزيفة!
مؤلف كتاب عشر خرافات عن إسرائيل
إيلان بابيه: هو مؤرخ إسرائيلي مشهور، ويعمل أستاذًا بكلية العلوم الاجتماعية والدراسات الدولية بجامعة إكسيتر بالمملكة المتحدة، كما أنه مدير المركز الأوربي للدراسات الفلسطينية بالجامعة.
من مؤلفاته:
التطهير العرقي في فلسطين.
فكرة إسرائيل: تاريخ السلطة والمعرفة.
أكبر سجن على الأرض: سردية جديدة لتاريخ الأراضي المُحتلة.
معلومات عن المترجمة:
سارّة عبد الحليم: هي باحثة ومترجمة فلسطينية، حازت شهادة الماجستير في الفلسفة في دراسات الشرق الأوسط الحديث من جامعة أكسفورد ببريطانيا. من ترجماتها:
وسطاء الخداع.