اليقين والذاتية
اليقين والذاتية
إن السؤال الفطري الذي يراود الطفل في هذه السن هو: ما مدى القدرة بداخلي؟ إلى أي مدى أستطيع أن أثق بكياني المستقل هذا وبقدراتي الذاتية؟ إلى أي درجة أستطيع أن أرتكن إلى ذاتي عند دخولي إلى هذه الحياة؟ وهنا يبدأ الطفل في تكوين تصوُّره عن نفسه سواء كان إيجابيًّا أو سلبيًّا.
ويرى إريكسون أن الطفل خلال المرحلة الممتدة بين العامين الثاني والثالث يواجه تحديًا لبدء بناء الذاتية والاستقلالية، وتمييز ذاته عن العالم الخارجي، وبخاصة الوالدين، مستندًا إلى الثقة الأساسية التي اكتسبها في المرحلة السابقة، وهذا ما يؤكده الدكتور رولو ماي أن الإنسان في العام الثاني من العمر أو ما يقارب ذلك يبدأ التأصيل لمراحل تطور نموه، من خلال الوعي والشعور بالذات Self-consciousness، إذ يبدأ الوعي نفسه بصفته شخصًا منفصلًا، وذاته بصفة الـ”أنا”، فالطفل قبل ولادته كان جزءًا من أمه، فيتعرَّف على نفسه بصفته جزءًا منها وليس شخصًا منفصلًا عنها، ما يستمر خلال المرحلة المبكرة من الرضاعة.
ولكن الطفل الآن ولأول مرة يستشعر وجود ذاته وكيانه بصورة منفصلة، يدرك حريته ويجرب إحساسه بذاته وهويته المنفصلة عن الوالدين، وهذا ما يعرف بالولادة النفسية للإنسان وتكوين شخصيته وذاتيته وتعرفه على نفسه بصفة مستقلة، إلا أن بزوغ الذاتية وظهور الشخصية ونموها أمر لا يحدث دون عقبات، لذلك يعد قطع الحبل السري النفسي في غاية الخطورة لأنه يحتاج إلى اتزان نمو الشخصية واكتمال الذاتية والاستقلالية لاحقًا في أثناء مرحلة البلوغ.
الفكرة من كتاب ذنوب الآباء ومسئولية الأبناء
يقدِّم الكاتب دراسة سيكولوجية متخصِّصة في نشأة الاضطرابات والأضرار النفسية التي تلحق بالأطفال في الصغر ويستمر تأثيرها مع أصحابها فيما بعد، وذلك نتيجة سلوك الوالدين سواء أكان بقصد أم بغير قصد.
ويستعرض ذلك من خلال فصول الكتاب بالحديث عن الذات وتشكِّل الشخصية والاحتياجات النفسية وأثر الحرمان من تسديد هذه الاحتياجات في الصغر، وكذلك الإساءات وأنواعها وأثرها في النفس.
مؤلف كتاب ذنوب الآباء ومسئولية الأبناء
مشير سمير: كاتب له العديد من المؤلفات في مجال علم النفس والوعي الذاتي، ومنها هذا الكتاب، وله كتب أخرى في نفس المجال مثل “معايير النضج النفسي”، و”مشكلة الألم”، وله العديد من الإسهامات في هذا المجال مثل ترجمته لكتاب “صوت الحب الداخلي” لهنري نويين، ومراجعته لكتاب “الأقوياء والضعفاء” لبول تورنييه.