لا تعرف الشركات ولا الأفراد المصلحة الجماعية
لا تعرف الشركات ولا الأفراد المصلحة الجماعية
يدافع آدم سميث عن حرية السوق بأنه مهما حدث من تقلبات فستصل إلى حالة الاتزان، لأن كل فرد سيسعى إلى مصلحته الخاصة، لتتصالح مصالحهم في النهاية دون وعي منهم، وهو ما أسماه اليد الخفية، ولكن تجادل الحقيقة السادسة عشرة بأننا لسنا أذكياء كفاية لكي نترك الأمور للسوق، فنحن لا نعلم مصلحتنا، ولا نعرف ما الذي يتعيّن علينا فعله، ولهذا فإن القوانين المقيدة لحريتنا مهمة لمنعنا من إفساد الأمور، وتحديد حجم المشكلة التي يمكننا مواجهتها، وإذا كنا أذكياء لهذه الدرجة، فلماذا يُخطئ الخبراء أصحاب جوائز نوبل في الاقتصاد؟ ولماذا عجزوا عن التنبؤ بالكوارث المالية والانهيارات الاقتصادية؟!
هل المشكلة في نقص المعلومات كما نظن، أم إن عقليتنا مقيدة ولا نستطيع معالجة كل تلك المعلومات؟ ماذا لو زِدنا من حجم الاستثمارات في التعليم، هل تُحل المشكلة؟ في الواقع لا، تفاجئنا الحقيقة السابعة عشرة أن المزيد من التعليم لا يجعل البلد أغنى، بل العامل الأهم هو قدرة الأمة على تنظيم الأفراد في المشاريع الاقتصادية، فلا توجد علاقة مباشرة بين التعليم المدرسي والإنتاج، بل إن أغلب المواد الدراسية لا تستخدم في الواقع، وهناك دول مثل تايوان والفلبين وجنوب إفريقيا تمتعت بنمو اقتصادي أكبر، رغم انخفاض معدلاتها التعليمية.
ولكن البعض يدافع عن ذلك الانخفاض مدّعيًا ارتباطه بتقلص حجم القطاع الشركاتي، فأرباح الشركات تجلب الخير إلى الاقتصاد القومي كله، ولكن الحقيقة الثامنة عشرة تعارض ذلك، فما هو خير للشركات ليس بالضرورة أن يكون خيرًا للدولة، فهي تتحمل تكاليف فشلها، مثلما فعلت أمريكا ودفعت المليارات لإنقاذ عدة شركات من بينها جنرال موتورز، كما أن الضوابط الفردية على الشركات تضمن تحقيق المصلحة الجماعية للسوق.
الفكرة من كتاب 23 حقيقة يخفونها عنك بخصوص الرأسمالية
يقال إن أول خطوة للتجهيل بأمر ما هي جعله يبدو معقدًا جدًّا، وذلك بمحاوطته بسدود التخصص، ولقد أصبح الاقتصاد من تلك الأمور التي نهرب منها بسبب سدودها المانعة، ولكن على عكس الاعتقاد الشائع، فحقائق الاقتصاد بسيطة يمكن فهمها، والتفاصيل التقنية التخصصية مساحتها محدودة جدًّا.
ولهذا فإن أول خطوة لتثقيف أنفسنا اقتصاديًّا، هي معرفة الحقائق الكبيرة لنظامنا الرأسمالي الحالي، لنجيب عن أسئلتنا، ما الطريقة التي تدار بها الرأسمالية؟ وهل تعني حرية السوق المطلقة؟ أم يمكن إدخال بعض التعديلات لجعلها أكثر نفعًا للجميع؟ لدينا ثلاث وعشرون حقيقة، ستبدد عديدًا من الخرافات الاقتصادية.
مؤلف كتاب 23 حقيقة يخفونها عنك بخصوص الرأسمالية
ها-جون تشانج: عالم اقتصادي كوري وأستاذ في جامعة كامبريدج في المملكة المتحدة، ولد في 7 أكتوبر 1963 في سيول، بكوريا الجنوبية، واشتهر بتحليله النقدي للاقتصاد النيوكلاسيكي ودعوته إلى سياسات تعزز التنمية الاقتصادية وتقلل من عدم المساواة، عمل مستشارًا للبنك الدولي، وهو زميل مركز الأبحاث الاقتصادية والسياسية في واشنطن، واختير واحدًا من أكثر الشخصيات المؤثرة في العالم سنة 2014، حصل على عديد من الجوائز، بما في ذلك جائزة جونار ميردال للاقتصاد في عام 2003، وجائزة ليونتيف لتعزيز حدود الفكر الاقتصادي في عام 2005.
ومن أهم كتبه:
السامريون الأشرار.. الدول الغنية والسياسات الفقيرة وتهديد العالم النامي.
ركل السلم بعيدًا.. استراتيجيات التنمية والتطور قديمًا وحديثًا.
معلومات عن المترجم:
محمد فتحي كلفت: مترجم ومدون وكاتب مصري ولد في أسوان، ترجم عديدًا من الأعمال منها:
قصة العلوم.
مقدمة قصيرة عن الإيدز.