احتضان الضعف والقوّة
احتضان الضعف والقوّة
لقد سيطرت علينا أنفسنا الأولية بشكل ملحوظ، ومضتِ الأيام ونحن ندفن هشاشتنا مستمرين في نبذ أنفسنا الضعيفة التي تتبعنا كظلّنا دون وعي منّا، مما جعلنا عرضة لمشكلاتٍ متعددة وعلاقاتٍ غير صحيّة، لذا فإن الأنا الواعية بالوسطيّة والتوازن والتناقضات، تحتاج إلى تطوّر في الإدراك واحتضان لكلٍّ من الهشاشة والقوة. فمثلًا نستطيع الاعتراف بأن الرجال قد نبذوا الهشاشة واحتضنوا القوة، لكن وبسبب نضج عقل المرأة ومعرفتها بحقوقها واعترافها بطموحاتها ورغباتها الشرعية الطبيعية، فإن الرجال قد تأقلموا مؤخرًا مع التغيرات، وأصبحت هناك حركة توازن للجانبين بداخلهم.
والمرأة أيضًا تحتاج إلى التوازن في حياتها، فهي لا ترغب في قمع رغبتها العلمية والعملية، كمَا أنها لا ترغب أيضًا في فقد جمالها ورقتها واهتمامها بذاتها، بل إنها تريد أن تدمج الأمرين معًا، كي تستمتع بالإنجاز والأنوثة، فالمهم ألا تنبذ طاقتها التي حاول البعض أن يدفنها، فقد كانت طاقة المطالبة بالحقوق أو محاربة الصعاب طاقة غير أنثوية وسيئة، أما الآن فهي ضرورية لحماية الذات والوعي بالدفاع عن النفس، وهذا لا يعني الخروج عن القواعد والأخلاقيات، وإنما يعني الخروج من نمط السيطرة والدفن، مع التأكيد على أهمية الحكمة وتحمّل عواقب الأفعال. إننا جميعًا نبحث عن المعنى رجالًا ونساءً، وهناك حياة داخلية لنَا تحتاج إلى أن ننظر إليها ونهتم باحتياجاتها وأهدافها الحقيقيّة، إلى أن نشعر بالهدوء والسلام.
لذا.. أبحر داخل ذاتك قبل أن تتغرّب عنها، وابحث دائمًا عما وراء الشعور والتصرفات، حتى تختفي عنك مشاعر الألم والهشاشة بالتدريج، واحرص على أن يكون هناك أساس للتعامل مع الغرائز المكبوتة، فقد أصبحنا في عصر النهضة بالذات وتطوير النّفس، ولوحظ أن الناس أصبحت تُساند بعضها بعضًا لفهم الذات العميقة واحتضان النفس، ولكن.. لكي يتم هذا، سوف نحتاج إلى الخروج من منطقة الأمان التي تتمثل في المعيشة الروتينيّة، وسوف نضطر إلى الانفصال قليلًا عن ذواتنا الظاهرة، للوصول إلى ما هو أعمق، دون التخلي عن معتقداتنا الدينية أو الثقافية أو الأخلاقيّة.
الفكرة من كتاب فنّ احتواء الذات.. دليلك العملي لفهم نفسك والاستماع إلى أصواتك الداخليّة
متى كانت المرّة الأخيرة التي تحاورتَ فيها مع ذاتك؟ بالطبع يا صديقي ستُصدم من سؤالي، لأننا لا نتحاور مع ذواتنا أصلًا، على الرغم من أن منهج الحوار مع النّفس أحد أقوى الأدوات الموصلة إلى النضج الشخصي، وهو وسيلة لتحسين الوعي، إذ إنّه يساعدنا على استكشاف أعماقنا وشخصيات الظلّ المنبوذة بداخلنا. وهذا الكتاب سيُعلِّمنا معنى التحاور مع الذات وكيفية الكشف عن الأنفس المتعددة.
مؤلف كتاب فنّ احتواء الذات.. دليلك العملي لفهم نفسك والاستماع إلى أصواتك الداخليّة
د. هال ستون: عالم نفس سريري وُلِد عام 1927، تخرّج في جامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس عام 1953، وتوفي في شهر مايو عام 2020.
د. سيدرا ستون: وهي زوجة الدكتور هال ستون، وُلدت عام 1937 في بروكلين، نيويورك، بالولايات المتحدة.
ومن مؤلفاتهما:
Partnering: A New Kind of Relationship
The Shadow King: The Invisible Force That Holds Women Back
معلومات عن المُترجِمة:
داليا هشام سباعي: كاتبة مصرية الجنسيّة مهتمة بمجال الترجمة، ومن ترجماتها: الدماغ الليلي.