عقبات أمام تنويع الإمداد
عقبات أمام تنويع الإمداد
إن السياسة التي اتبعتها إدارة بوش في الخليج كان هدفها إحداث طفرات هائلة في إنتاج النفط، ولكن هذا الغرض المكلف ماديًّا وعسكريًّا بشكل كبير -حتى لو تحقق كاملًا- لن ينتج ما يشبع الطلب المتزايد على النفط، لذا بدأت إدارة بوش في النظر إلى إمكانية التنويع في مصادر النفط لتخفيف التأثير السلبي لاحتمالات توقف الإمداد من أحد المصادر، ولكن هذه الاستراتيجية كانت متفائلة في ما تقدمه من وعود، فاحتمالية نجاحها تتوقف على إجابة مجموعة من الأسئلة، هل يوجد نفط كافٍ فعليًّا خارج نطاق الخليج؟ وإن وُجد هل سيمكن الحصول عليه مع تجنب الأخطار والعقبات التي تواجه الولايات المتحدة في الخليج؟ والواقع ينبئ أن الإجابة عن هذه الأسئلة ستكون بالنفي، فالاعتبارات التي بُنيت عليها استراتيجية التنويع أغفلت الاستهلاك المحلي للمنتجين المحتمَلين، والمناخ غير مشجع على الاستثمار وعدم الاستقرار السياسي، وبهذا فخطط تنويع الإمداد قد تساعد أمريكا قليلًا، ولكن ليس لدرجة تقليل الاعتماد على نفط الخليج، وإضافة إلى تلك الأوضاع المقلقة نجد أن الصين وروسيا وبلدانًا أخرى صاعدة اقتصاديًّا، تظهر في المشهد العالمي باحثة عن مصادر للنفط تكفي حاجاتها المتزايدة، وهو ما يعني تدخلها في الشؤون المحلية لبلدان النفط.
إن أكثر ما يهدد تدفق النفط منذ مطلع القرن الحادي والعشرين هو الإرهاب والحروب الأهلية والنزاع الإقليمي والتمرد، وهو ما يزيد من احتمالية التدخل العسكري الأمريكي، أما التهديد الأحدث فهو التنافس بين القوى الرئيسة على النفط في تلك المناطق، وهذا التنافس يزيد التوترات في مناطق عدة إضافة إلى الخليج، مثل: منطقة بحر قزوين وأمريكا اللاتينية، وحتى مع رغبة الدول الكبرى في تجنب الصدام المباشر، فإنها لن تسلم من التورط في النزاعات المحلية والصراعات الجيوسياسية، والحاجة المتنامية إلى النفط في الصين ستؤدي إلى نقص في الإمدادات التي تحتاج إليها الولايات المتحدة، وستعمل الصين أيضًا على تعزيز روابطها العسكرية مع بلدان نفطية معادية لأمريكا مثل إيران، وذلك لتوفير مزيد من النفط، وبجانب إيران فقد وجدت الصين فرصة كبيرة في استغلال النفط السوداني، الذي لم يجد ترحيبًا من الاستثمار الغربي بسبب سجلّه في حقوق الإنسان، وعلاقاته بالحركات الراديكالية الإسلامية.
الفكرة من كتاب دم ونفط.. أميركا واستراتيجيات الطاقة: إلى أين؟
عند النظر إلى كثير من الصراعات والحروب في آسيا وإفريقيا، نجد أن الصراع العالمي في الحاضر والمستقبل هو صراع على الموارد النادرة، وليس كما قال صامويل هنتنجتون | Samuel P. Huntington إنه صراع هويات وحضارات، ومن تلك الموارد: الألماس والأخشاب، ولكن في كثير من الصراعات نرى النفط حاضرًا بقوة، وهو الأقدر من بين الموارد والثروات الطبيعية كلها على إثارة النزاعات والأزمات، وفي هذا الكتاب يحاول مايكل كلير توضيح أسباب اكتساب النفط هذا الحضور الكبير في الأزمات العالمية، وبجانب هذا درس السياسات الأمريكية الخارجية، واستنتج أن النفط -على عكس باقي الموارد- يعامل في الخطاب السياسي الأمريكي الرسمي بصفته مسألة أمن قومي، أي إنه يقع ضمن اختصاص وزارة الدفاع والهيئات المنوطة بحماية المصالح الأمريكية الحيوية.
يتتبع الكاتب تأثير النفط في السياسات الخارجية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية إلى اليوم، ويتناول الأزمة التي تواجه الولايات المتحدة، من عدم كفاية آبارها، وتزايد استهلاكها، وطلبها على النفط الخارجي، وما تسببه الوسائل التي تلجأ إليها في تأمين هذا النفط، من رفعٍ لمستوى العداء والكراهية تجاه سياستها في الدول المنتجة للنفط.
مؤلف كتاب دم ونفط.. أميركا واستراتيجيات الطاقة: إلى أين؟
مايكل كلير: كاتب أمريكي، يشغل منصب أستاذ الكلية الخامسة لبرنامج دراسات السلام والأمن العالمي في جامعة هامبشير في أمهرست، ويعمل مراسلًا حربيًّا لمجلة (The Nation) ويشارك أيضا في تحرير صحيفة (Current History).
مؤلفاته المنشورة:
السباق للفوز: بما تبقى من خيرات الطبيعة.
All Hell Breaking Loose: The Pentagon’s Perspective on Climate Change
Resource Wars: The New Landscape of Global Conflict
معلومات عن المترجم:
أحمد رمو: مترجم عمل في التدريس، وله عديد من الترجمات منها:
الرقص مع العمالقة: الصين والهند والاقتصاد العالمي.
أسس التعامل والأخلاق للقرن الواحد والعشرين.