الليبرالية الجديدة وانهيار الديمقراطية
الليبرالية الجديدة وانهيار الديمقراطية
تقوم نظرية الليبرالية الجديدة على مبدأ “الأفراد هم المسؤولون عن مصايرهم”، وقد استغلت طبقة الأثرياء ورجال الأعمال هذه النظرية لاكتناز الثروة التي تضمن لهم السيطرة على اقتصاد الدولة ومراكز السلطة بها، ودفع الحكومة إلى التدخل لضمان الحفاظ على تلك السيطرة.
ومنذ ٣٥ سنة اعتمدت المؤسسات الأمريكية على سياسة الليبرالية الجديدة، فساهمت في وضع السلطة بين يدي رجال الأعمال، مما أدى إلى زيادة التفاوت الاجتماعي ونشأة حرب طبقية بين الأغنياء والطبقة العاملة، هاجم فيها رجال الأعمال النقابات العمالية، مما سبَّب خسائر كثيرة وركودًا اقتصاديًّا وانتهى الأمر بأزمة مالية شديدة حدثت عام ٢٠٠٨، نجت منها المؤسسات المالية الكبرى لكن أُجبِر دافعو الضرائب على تحمل المسؤولية، وفي الوقت الذي تعطل فيه الملايين عن العمل، وتزعزعت مكانة العامل وانخفضت الأجور، ازداد ثراء الشركات والمصارف الكبرى المسؤولة عن تلك الأزمة.
ومنذ تلك الأزمة تعرضت هذه السياسات الطبقية للهجوم، لكنها قُوبِلت بالتجاهل، حتى أصبحت أمريكا من أكثر الدول التي تدعم الفصل العنصري وتطبق وسائل تقوض الديمقراطية وتقمع الطبقة العاملة وتدمر المساواة الاقتصادية، ففي أمريكا التي تعد من أغنى مجتمعات العالم، تعيش ملايين العائلات على دولارين فقط في اليوم، في حين تتركز الثروة في أيدي ١٠% فقط من الشعب.
وقد طُبِّقَت هذه السياسات عالميًّا، فاستخدمتها الشركات المتعددة الجنسيات والمؤسسات المالية العالمية، مثل “صندوق النقد الدولي IMF”، في تعبئة المصارف الغربية الكبرى بالمكاسب المالية الناتجة عن خسائر الدول الفقيرة، رغم أنه مؤسسة إنقاذ، وهذا يناقض المبادئ الليبرالية التي يملونها على دول العالم الثالث والتي سببت تراجع صناعاتها، مما أدى إلى زيادة الفجوة بين العالمين الأول والثالث، ففي الوقت الذي تعرضت فيه إندونيسيا لأزمة مالية حادة، أصدر صندوق النقد الدولي -الخاضع لوزارة المالية الأمريكية- تعليمات برفع معدلات الفائدة على ديونها، فتدهور الاقتصاد الإندونيسي حتى اضطرت إلى بيع أصول الشركات لشركاتٍ غربية.
الفكرة من كتاب العالم.. إلى أين؟
نَعُوم تْشُومِسْكِي هو المفكر الأشهر في العالم الذي استطاع مواجهة أمريكا بجرائمها وممارساتها العدوانية في العالم كله، دافع عن حقوق المستضعفين تحت مسمى سياسة الحرب على الإرهاب، كما حدث في العراق وغيره، ما يميز تْشُومِسْكِي هو أن أفكاره تحكمها الأخلاق ومبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، وهو صوت الأمل والتفاؤل الذي يؤمن بضرورة مقاومة الظلم والاستغلال مهما طال أمده.
يعرض لنا تْشُومِسْكِي -من خلال هذا الكتاب- آراءه وأفكاره حول قضايا عديدة ذات تأثيرٍ كبيرٍ في العالم بأكمله، وهي: الليبرالية الجديدة وأثرها في النظام السياسي والاقتصاد والمجتمع في أمريكا، كما يناقش تاريخ السياسة الخارجية الأمريكية بما يحتويه من تدخلاتٍ عدوانية في أنظمة الدول الأخرى، ويتطرق إلى الحديث عن سياسة الحرب على الإرهاب ونتائجها المريرة التي ما زال العالم يدفع ثمنها حتى الآن، بجانب قضايا أخرى كأزمة اللاجئين وكارثة التغير المناخي.
مؤلف كتاب العالم.. إلى أين؟
نعوم تشومسكي: أستاذ لسانيات ومفكر أمريكي وناشط سياسي، رائد في مجال السياسات العالمية والتاريخ واللغويات، درس الفلسفة والمنطق واللغات في جامعة بنسلفانيا، وعمل أستاذًا زائرًا في جامعة كولومبيا، وأستاذًا في قسم اللغويات الحديثة، حاز عديدًا من الجوائز منها “ميدالية هيلمهولتز”، وصنفته مجلة “نيو ستيتمنت” في المرتبة السابعة من أبطال عصرنا، له عدة مؤلفات منها:
أوهام الشرق الأوسط.
السيطرة على الإعلام.
الدول الفاشلة.
ماذا يريد العم سام؟
السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الاوسط.
معلومات عن المترجمة:
“ريم طويل”: مترجمة عربية، ترجمت عدة كتب، منها:
أريد أن أنام.
كل ما أعرفه عن الحب.
فنّ الهدوء.