آفة الماضي والحاضر
آفة الماضي والحاضر
رافقت ظهورَ الوظيفة آفةٌ تُسمي الرشوة، وهي كما عرفها الجرجاني “ما يُعطى لإبطال حق أو إحقاق باطل”، والإسلام حذر من تلك الجريمة وجرم أطرافها، وهم الراشي والمرتشي والوسيط، وقد أخذ مصطلح الرشوة معاني شعبية عبر العصور بهدف تجميلها، ففي أيام المماليك أُطلق عليها البذل أي الجود والكرم، والبرطلة وتعني صراحة الرشوة، وبالعصر الحديث يُطلق عليها الإكرامية والحلاوة والمصلحة والقهوة والشاي.
وتُعد أهم أسباب تفشي الرشوة: ضعف الوازع الديني، وضعف التربية الأخلاقيَّة، وتدني المستوى المعيشي، وحب الثراء السريع، وضعف السلطة السياسيَّة، وعدم وجود إشراف ومتابعة، وتأخر الفصل في المسؤولية الجنائيَّة والتأديبيَّة، والضعف الإداري، وإنجاز الخدمات على يد عدد محدود من الموظفين، إلى جانب الشِّلَلية بالعمل والظروف الاقتصاديَّة والسياسيَّة التي تمر بها البلاد. وهناك عِدَّة مقترحات للقضاء على جرائم الرشوة، كالنظر في رفع الحد الأدنى لأجور الموظفين بما يكفل لهم حياة كريمة، وتفعيل نظام المراقبة الداخليَّة والمسؤولية الإشرافيَّة، وفصل تلقي الخدمات من المواطنين عن أداء الخدمة حتى يُصبح التعامل المباشر معهم في أضيق الحدود، وتشديد العقوبات على جريمة الرشوة كالفصل من الخدمة والحرمان من المعاش، واختيار أماكن آمنة لحفظ العهد.
وعلى الرغم من تفشي هذه الآفة ما زال هناك موظفون مُتمسكون بمبادئ العمل، ويتمتعون بالمهارات الشخصيَّة والمهارات التقنيَّة، فهم يعملون بدقة متناهية، ويؤدون واجباتهم على الوجه المطلوب في إطار توجيهات المؤسسة وقوانينها؛ لا يبخلون بتقديم النصح لزملائهم، ويجتهدون لتقديم كل جديد، ويسعون لإصلاح نقاط ضعفهم وتعزيز نقاط قوتهم، يتقنون مهارات العمل الجماعي، وتعينهم على ذلك قُدرتهم على تفهم مشاعر الآخرين والتواصل الفعال والتكيف مع المتغيرات، وبالإضافة إلى هذه المهارات فهم يمتلكون مهارات التحليل والتفكير النقدي اللازمة لاتِّخاذ القرار، ويلتزمون بمواعيد العمل ومواعيد تسليم المهام، ويتسمون بالصدق والأمانة والنزاهة والطموح والضمير الحي، ويسعون لتعلم كل ما هو جديد بذكاء واجتهاد وضمير، ولجذب هذه الفئة من الموظفين والاحتفاظ بهم، لا بد من تحقيق الرضا الوظيفي عبر تقديم الفرص الوظيفيَّة وبعض المزايا.
الفكرة من كتاب عزيزي الموظف لا تكن كبشًا للوظيفة: رحلة الموظف أفندي منذ فجر التاريخ إلى العصر الحديث
هل تُجبر نفسك على الذهاب إلى العمل وتجد صعوبة في بدء مهامك؟ هل أصبحت شخصًا انتقاديًّا في العمل، نافد الصبر مع الزملاء والعملاء؟ وهل صِرت تواجه صعوبة في التركيز وتُعاني من شكاوى جسديَّة غير مُبررة كالصداع واضطرابات المعدة؟ وهل تفتقر إلى الطاقة اللازمة لتظل مُنتجًا وتشعر بخيبة أمل تجاه وظيفتك؟
عزيزي.. إذا كانت الإجابة بنعم، فمن المحتمل أنك أصبحت مُحترقًا وظيفيًّا، وهذا الكتاب مُعد خصيصى لك، سيأخذك هذا الكتاب في رحلة لتتعرف على تاريخ الموظف منذ فجر التاريخ، وعلى مصطلح الرضا الوظيفي وأنواعه، ثُم ستنتقل إلى مصطلح مُضاد وهو الاحتراق الوظيفي، ستتعرف أعراضه وأسبابه وفي نهاية المطاف ستحصل على نصائح ذهبيَّة للتصدي له.
مؤلف كتاب عزيزي الموظف لا تكن كبشًا للوظيفة: رحلة الموظف أفندي منذ فجر التاريخ إلى العصر الحديث
د. محمد صابر عواجه: كاتب ومؤلف عربي، صدر له هذا الكتاب عن دار نشر العليا / الرسم بالكلمات للنشر والتوزيع.