آخر أيام حياتها
آخر أيام حياتها
في المرحلة التي يركن العجائز بها إلى الجلوس بانتظار الموت، كانت هيلين ما تزال تملك طاقة دفعتها إلى تدوين مذكراتها عن تلك الأيام، أي آخر أيام حياتها، فتحدثت بصدق عن العقبات والتحديات التي واجهتها خلال المراحل المختلفة من حياتها، مثل فترة دراستها بالجامعة عندما كانت لديها طاقة هائلة تدفعها إلى الاطلاع على كل الكتب الموجودة بالمكتبة الجامعية، ولكنها وجدت عائقًا هو عدم توافر أغلب تلك الكتب بطريقة الأحرف البارزة، ولم يكن الاهتمام بتوفير الكتب للمكفوفين كبيرًا، ولم تلقَ هيلين مساعدة من أساتذتها بالجامعة، وبذلك لم تتمكن من تحديد أهم الكتب حتى تلجأ إلى من يعدّها بطريقة الأحرف البارزة من أجلها
فكانت تستعين فقط بقراءة معلمتها آن سوليفان بصبر وبطء حتى تتمكن من المتابعة، ومن أكثر الكتب إلهامًا لهيلين كيلر هي كتب السير الذاتية للشعراء والأدباء والنساء المؤثرات، فكانت تتأمل التجارب الإنسانية الملهمة على مر التاريخ، ومن خلال حياة أولئك المؤثرين تمكنت من الخروج من الظلام المحيط بها، وعن طريق قراءة الفلسفة تعلمت كيف تتعافى بعد الأزمات وتتقبل الآلام وتقوى مجددًا على الحياة، وعلمتها الفلسفة كيف تشعر بالقوة بعد ضعفِ وهشاشةِ المراحل الأولى من حياتها.
ومنذ دخول هيلين الجامعة كانت تفكر باستمرار في كيفية استخدام ما تتعلمه وتدركه في تنفيذ رؤيتها وهدفها في مساعدة العالم، إذ كانت تسعى إلى نشر فكرة تعلمتها من معلمتها آن سوليفان، وهي أن الشخص صاحب الإعاقة من المفيد له أن يدرس ويعمل في بيئة طبيعية، حتى ينمو ويكتسب مهارات من التعامل مع الآخرين ويتجاوز أفق قدراته المحدودة، وهذا لا يمكن تحقيقه بوجود أصحاب الإعاقات في انعزال عن مجتمعهم، لهذا قدرت هيلين فترة وجودها بالجامعة برغم ما وجدته من صعوبات.
وأخذت هيلين على عاتقها -طوال حياتها- مسألة التوعية بمعاناة المعاقين التي يجهل أبعادها الكثيرون، ولم تتوقف عند ذلك، بل سارت في طريقها الإصلاحي واستغلت ذيوع صيتها لدعم النساء وحقوقهن ونظمت لذلك الحملات، ونددت هيلين بالسياسات العنصرية والتمييز العرقي وأدانت الفساد السياسي والاقتصادي، وأظهرت موقفها الرافض للحروب. إن البصيرة التي يتمتع بها المكفوفون هي التي تملؤهم نورًا حقيقيًّا وسلامًا داخليًّا، وعندما آمنت هيلين بتلك الطريقة في التفكير تحررت من جميع مخاوفها، وبذلك تمكنت من إنجاز ما كانت تطمح له من تقديم المساعدة إلى الآخرين.
الفكرة من كتاب كيف بمقدوري مساعدة العالم؟
قد نفكر ونتساءل عما مكّن هيلين كيلر من تجاوز الصعوبات والتحديات التي واجهتها، وكيف أصبحت امرأة لها ذلك التأثير العالمي طوال تلك السنوات، ومن أين جاءت بهذه القوة التي منحتها صبرًا وسلامًا داخليًّا وتفاؤلًا جعلها ملهمة للملايين حول العالم، ولمعرفة الإجابات عن هذه الاسئلة يجب أن نعرف رحلة هيلين ومصادر إلهامها، التي جعلت منها تلك الملهمة التي كانت عليها وكيف أصبحت شخصية عامة، ينتظر الجمهور محاضراتها وكتبها ومقالاتها.
مؤلف كتاب كيف بمقدوري مساعدة العالم؟
هيلين كيلر: أديبة أمريكية ومحاضرة وناشطة، أصيبت في صغرها بمرض السحايا الذي أفقدها السمع والبصر، نشطت في دعم الحريات والعمل المدني والإصلاحي، وفي عام 1934 مُنِحَت جائزة ليندون جونسون (وسام الحرية الرئاسي).
ومن مؤلفاتها المنشورة:
لو أبصرت ثلاثة أيام.
العالم الذي أحيا فيه.
قصة حياتي.
معلومات عن المترجمة:
أميرة الوصيف: كاتبة ومترجمة مصرية، من أعمالها:
هؤلاء لا يأكلون الشوكولاتة.
السيدة سوزان وأخواتها.