ملاحظات حول لعنة النفط
ملاحظات حول لعنة النفط
أغرت فتراتُ التراجع والانهيار في أسعار النفط علماءَ الاقتصاد في فترة السبعينيات لإطلاق المسميات الجذابة والنظر إلى الموارد والثروات الطبيعية على أنها نقمة تستدعي الحذر والحيطة، كان يُنظر إلى الدول النفطية قبل ذلك العقد على أنها قادة اقتصاد المستقبل، لكن أتى النفط ليغير كل شيء، كان الأمر المثير للريبة ليس في معاناة تلك الاقتصادات النفطية، لكن في عدم تحسنها، لماذا ما تزال تلك الاقتصادات تحقق معدلات نمو عادية ومن المفترض أن يتسارع نموها مع الاكتشافات الحديثة؟
لم تكن المشكلة في النمو البطيء، بل في تقلب المعدلات غير الاعتيادي، فقد تراوحت تلك النوبات المجنونة بين التسارع والتباطؤ الشديدين، لكن إذا ألقينا نظرة على تواريخ هذه التقلبات فسيبدو الأمر أكثر وضوحًا، لقد تزامنت دومًا مع تقلبات أسعار النفط، في منتصف الثمانينيات انخفضت الأسعار ومن ثم تباطأت الاقتصادات المرتبطة بالنفط، كان البترول في ذلك العقد لعنة بالفعل، لكن قلة من الدول نجت من تلك اللعنة بفضل النفط وسياسات الحكومة أيضًا، كانت ماليزيا وعُمان ما زالتا خارج “أوبك” وفي حرية في زيادة الإنتاج بعيدًا عن القيود العالمية، وبينما كانت بقية الدول المنتجة تحاول الحد من الإنتاج لمجابهة انخفاض الأسعار، رفعت الدولتان إنتاجهما حتى نجا اقتصادهما من تلك النوبة.
لكن وبأية حال يبقى النفط ثروة ورأس مال من المفترض أن يزيد من ازدهار تلك الدول، فما السبب في انعدام تأثير تلك الثروات العظيمة؟ عبر نظرة سريعة على قائمة الدول النامية التي واظبت على إنتاج النفط لمدة طويلة، يتضح الرابط بين هذه الدول في الحال، لم تنعم معظم تلك البلدان بأية تجربة ديمقراطية حقيقية؛ بوسع الديمقراطية أن تحرص على زيادة رفاهية مواطنيها وتحسين أوضاعهم، ربما يتعلق الأمر من بعيد بالنمو الاقتصادي، لكن لا شك في أن جدارة السياسيين والقادة في الحكومات الديمقراطية ستكون أكثر ضمانًا.
الفكرة من كتاب نقمة النفط: كيف تؤثر الثروة النفطية على نمو الأمم
يطيب للناس أن يتعاملوا مع اكتشاف الموارد الطبيعية، كالنفط وأشياء أخرى عديدة، على طريقة الفوز باليانصيب وبداية عصر الأحلام، غير أن الأمر يحتوي على مضاعفات وسيناريوهات بقدرتها أن تُحول الكنز الجديد إلى فخ متقن، حتى السياسيون لم ينجوا من هذا الفخ، بل سيطرت عليهم حالة من التفاؤل في بداية سبعينيات القرن الماضي إزاء التدفقات الضخمة التي توافدت إلى البلدان النفطية،
لكن ما الذي حدث ثم جعل تلك البلاد لا تحقق معدلات النمو التي كانت مرسومة لها؟ يبدو أن تلك الكنوز لم تكن نتائجها صافية كما بدا للمراقبين، وكانت تستدعي بعض الحذر والشك في التعامل مع إيراداتها بدلًا من الجشع والنهم الذي قُوبلت به، فماذا حدث لتلك البلدان ولماذا؟
مؤلف كتاب نقمة النفط: كيف تؤثر الثروة النفطية على نمو الأمم
مايكل روس: أستاذ بكلية العلوم السياسية ومعهد البيئة والاستدامة بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، حصل في عام 1996م على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة برينستون ثم عمل أستاذًا لها في جامعة ميتشجان حتى عام 2001م، تتناول أبحاثه الاقتصاد السياسي والديمقراطية والفقر والموارد الطبيعية في البلدان النامية، وقد حاز جائزة “Heinz Eulau” عن مقالته “النفط والإسلام والمرأة” من جمعية العلوم السياسية الأمريكية.
من أهم أعماله:
Oil, Islam and Women
Designing Fictions: Literature Confronts Advertising
Timber Booms and Institutional Breakdown in Southeast Asia
معلومات عن المترجم:
محمد هيثم نشواتي: مترجم بارز ومن أعماله:
الإسلام ضد الغرب: شكيب أرسلان والدعوة إلى القومية الإسلامية.
الحرب الصليبية الثانية: حرب الغرب المستعرة مجددًا ضد الإسلام.