استثناء آخر.. شرق أوسط يعج بالمفارقات
استثناء آخر.. شرق أوسط يعج بالمفارقات
من الشائع أن النساء، بزيادة الدخل ويسر الحال، سيتمكنَّ من التمتع بحصة اقتصادية أكبر ومشاركة سياسية أكثر فاعلية، لكن هذا لا يحدث في جميع القطاعات، فبينما يزيد القطاع الصناعي من مشاركة النساء في سوق العمل وزيادة مزاياهم وحقوقهم المكتسبة، يؤثر القطاع النفطي سلبًا في هذه المشاركة، ويعمل على حصر النساء في أدوارهن التقليدية، وتشجيعهن على البقاء في منازلهن، فما العلاقة بين النفط والنظام الأبوي؟
منذ الثورة الصناعية وقد اقتحمت النساء المنافسة بُغية إعالة أُسرهن أو تحسين أوضاعهن، ورغم الظروف القاسية والحقوق المهدرة للنساء في ذلك الزمن، فقد سجل هذا الخروج والانخراط في السوق طفرة في الحركة النسائية، وترتب عليه تجرؤ النساء على التطلع إلى المشاركة السياسية والمطالبة بحقوقهن في الانتخاب والتصويت والمساواة بالرجال، لكن علينا التساؤل، لماذا جذبت القطاعات الصناعية النساء منذ البداية؟ لقد امتازت تلك القطاعات بأنها لا تتطلب كثيرًا من التدريب أو الجهد البدني، كما أنها تبحث عن اليد العاملة الأقل كلفة، مما يجعل النساء هن الهدف المناسب.
إذًا كيف يدمر النفط كل هذا؟ من البداية لا تضطر النساء إلى الخروج من منازلهن سوى لزيادة دخل الأسرة، أو طمعًا في وظائف مرموقة مجزية، لكن إذا كانت المزايا المدفوعة للأسر التي تمنحها الحكومة جيدة، فلن يكون هناك داعٍ لهذا الإرهاق، وإذا تقلص المكون الصناعي في الاقتصاد فستتناقص هذه الفرص، وتقل قدرة النساء على الدخول في الأسواق، وهذه بالضبط تأثيرات النفط في الحكومات واقتصاداتها.
ربما تكون التفسيرات حول الثقافة والدين الإسلامي في الشرق الأوسط جذابة للباحثين الغربيين، ولكن يمكن وبسهولة ملاحظة سذاجة هذه التفسيرات إذا نظرنا إلى التباين الشديد في أوضاع النساء عبر دول الشرق الأوسط؛ تتماثل هذه الدول في العادات وتتفق على أغلبية ساحقة للدين الإسلامي، لكن يختلف بشدة وضع النساء من بلد لآخر.
الفكرة من كتاب نقمة النفط: كيف تؤثر الثروة النفطية على نمو الأمم
يطيب للناس أن يتعاملوا مع اكتشاف الموارد الطبيعية، كالنفط وأشياء أخرى عديدة، على طريقة الفوز باليانصيب وبداية عصر الأحلام، غير أن الأمر يحتوي على مضاعفات وسيناريوهات بقدرتها أن تُحول الكنز الجديد إلى فخ متقن، حتى السياسيون لم ينجوا من هذا الفخ، بل سيطرت عليهم حالة من التفاؤل في بداية سبعينيات القرن الماضي إزاء التدفقات الضخمة التي توافدت إلى البلدان النفطية،
لكن ما الذي حدث ثم جعل تلك البلاد لا تحقق معدلات النمو التي كانت مرسومة لها؟ يبدو أن تلك الكنوز لم تكن نتائجها صافية كما بدا للمراقبين، وكانت تستدعي بعض الحذر والشك في التعامل مع إيراداتها بدلًا من الجشع والنهم الذي قُوبلت به، فماذا حدث لتلك البلدان ولماذا؟
مؤلف كتاب نقمة النفط: كيف تؤثر الثروة النفطية على نمو الأمم
مايكل روس: أستاذ بكلية العلوم السياسية ومعهد البيئة والاستدامة بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، حصل في عام 1996م على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة برينستون ثم عمل أستاذًا لها في جامعة ميتشجان حتى عام 2001م، تتناول أبحاثه الاقتصاد السياسي والديمقراطية والفقر والموارد الطبيعية في البلدان النامية، وقد حاز جائزة “Heinz Eulau” عن مقالته “النفط والإسلام والمرأة” من جمعية العلوم السياسية الأمريكية.
من أهم أعماله:
Oil, Islam and Women
Designing Fictions: Literature Confronts Advertising
Timber Booms and Institutional Breakdown in Southeast Asia
معلومات عن المترجم:
محمد هيثم نشواتي: مترجم بارز ومن أعماله:
الإسلام ضد الغرب: شكيب أرسلان والدعوة إلى القومية الإسلامية.
الحرب الصليبية الثانية: حرب الغرب المستعرة مجددًا ضد الإسلام.