النفط والديمقراطية أو الزيت والماء
النفط والديمقراطية أو الزيت والماء
تتسلل سطوة النفط وتأثيره إلى جميع مفاصل الدولة، فلا تظهر بصماتها في اقتصاده وثروته فقط، بل تنخر كذلك في دعائم الديمقراطية الأساسية، فليس من قبيل الصدفة أن يحتوي الشرق الأوسط على أكبر احتياطي نفط في العالم، وألا يعرف من الديمقراطية سوى تنظيراتها، وفي الموجة الثورية التي مرت بتلك المنطقة، بقيت ممالك النفط دون مساس حين هوت عروش بلدان فقيرة الاحتياطي النفطي، فما الذي يجعل للنفط هذا التأثير؟ يعتقد الباحثون أنه، وبزيادة النفط الذي تنتجه حكومة استبدادية ما، يقل احتمال تحول ذلك البلد إلى الديمقراطية.
يعود هذا الاستنتاج إلى طبيعة العلاقة بين المواطنين والحكومة، وخصائص الثروة النفطية بالتحديد، غالبًا ما يبقى المواطنون راضين في حال شعروا أن الضرائب التي يدفعونها تعود عليهم بفوائد وخدمات معقولة، وتتعالى نبرات الاعتراض والسخط حين تزداد هذه الضرائب وتتقلص المنافع، ومن ثم في حالة الدولة الاستبدادية، سيتوقف أمر شعبية الحاكم على عجلة الاقتصاد ونموه، دون أية وسيلة أخرى لمنح المزايا أو الهبات، هنا يصبح الحاكم في خطر وشيك، لكن ما إن نضيف النفط إلى هذه المعادلة، يتحول كل شيء.
تتميز إيرادات النفط بضخامتها وسريتها، فبإمكان الحكومات عبر شركاتها الوطنية إخفاء التدفقات والإيرادات الحقيقية، وفي هذه الحالة أصبح بحوزة الحكومة مصدر آخر للإيرادات غير فرض الضرائب، وبإمكانها زيادة مزايا ورفاهية مواطنيها دون رفع تلك الضرائب، ما يُبقي الأمور مستقرة والجميع سعداء، كما أصبح بوسع الحكام المستبدين أن يخفوا بعض الإيرادات لاستخدامها لاحقًا في زيادة شعبيتهم ونفوذهم، لكن ماذا يفعل المواطنون إزاء هذه السرية؟ فغالبًا ما تكون المزايا والفوائد التي يُمنحون إياها ما هي إلا فُتات الإيرادات السرية التي تتدفق إلى الحكومة، على الأرجح إنهم لن يحركوا ساكنًا ما دامت البيانات بعيدة عن الضوء، وحتى إن افتضح أمر الحكومة، فسيتوقف الأمر على ولاء الجيش الذي سينحاز إلى جانب المزايا والفوائد المضمونة، وعلى هذا ستستطيع الدول الاستبدادية النفطية البقاء على حالها.
الفكرة من كتاب نقمة النفط: كيف تؤثر الثروة النفطية على نمو الأمم
يطيب للناس أن يتعاملوا مع اكتشاف الموارد الطبيعية، كالنفط وأشياء أخرى عديدة، على طريقة الفوز باليانصيب وبداية عصر الأحلام، غير أن الأمر يحتوي على مضاعفات وسيناريوهات بقدرتها أن تُحول الكنز الجديد إلى فخ متقن، حتى السياسيون لم ينجوا من هذا الفخ، بل سيطرت عليهم حالة من التفاؤل في بداية سبعينيات القرن الماضي إزاء التدفقات الضخمة التي توافدت إلى البلدان النفطية،
لكن ما الذي حدث ثم جعل تلك البلاد لا تحقق معدلات النمو التي كانت مرسومة لها؟ يبدو أن تلك الكنوز لم تكن نتائجها صافية كما بدا للمراقبين، وكانت تستدعي بعض الحذر والشك في التعامل مع إيراداتها بدلًا من الجشع والنهم الذي قُوبلت به، فماذا حدث لتلك البلدان ولماذا؟
مؤلف كتاب نقمة النفط: كيف تؤثر الثروة النفطية على نمو الأمم
مايكل روس: أستاذ بكلية العلوم السياسية ومعهد البيئة والاستدامة بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، حصل في عام 1996م على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة برينستون ثم عمل أستاذًا لها في جامعة ميتشجان حتى عام 2001م، تتناول أبحاثه الاقتصاد السياسي والديمقراطية والفقر والموارد الطبيعية في البلدان النامية، وقد حاز جائزة “Heinz Eulau” عن مقالته “النفط والإسلام والمرأة” من جمعية العلوم السياسية الأمريكية.
من أهم أعماله:
Oil, Islam and Women
Designing Fictions: Literature Confronts Advertising
Timber Booms and Institutional Breakdown in Southeast Asia
معلومات عن المترجم:
محمد هيثم نشواتي: مترجم بارز ومن أعماله:
الإسلام ضد الغرب: شكيب أرسلان والدعوة إلى القومية الإسلامية.
الحرب الصليبية الثانية: حرب الغرب المستعرة مجددًا ضد الإسلام.