جسد أم شخص؟
جسد أم شخص؟
عند سؤال مجموعة من الفتيات الصغيرات التي لا تتجاوز أعمارهن السابعة عن أحلامهن المستقبلية من البديهي توقع إجابات مثل: أود أن أكون طبيبة أو أميرة أو حتى رائدة فضاء، لكنك ستتفاجأ لمعرفة أن ٣٤% من هؤلاء الفتيات تمحورت إجاباتهن حول رغبتهن المستميتة للتحول إلى تلك المرأة التي يشاهدنها في التلفاز، ومن الجدير بالذكر أن ٤٠% من الفتيات اللاتي تتراوح أعمارهن بين الخامسة والتاسعة يحلمن بأجساد أنحف، وتعاني نسبة لا يستهان بها منهن اضطرابات في الشهية، تؤثر في عمليات النمو الطبيعي.
وهذه الصورة هي إحدى النتائج المتعددة لظاهرة مرضية تُعرف بهوس الجمال، وهو ما يحدث حينما ينصب جل اهتمامنا على ما نراه في المرآة، متجاهلين الجوانب الحياتية المختلفة، وعلى الرغم من أنه ليس مرضًا حرفيًّا يمكن الكشف عنه، فإن آثاره كافية للاستدلال على وجوده، ففي دراسة أجريت في جامعة شيكاغو، حين طُلب من مجموعة من الطالبات تخيل ماهية حياتهن لو تحولن إلى ما يراه المجتمع كتصور للشكل المثالي، كانت إجابات معظمهن تدل على أن بإمكان هذا التحول منحهن القوة لتحقيق أهدافهن، ونيل القبول والمحبة، فكما يبدو تعمل الثقافة المجتمعية الحالية على تغذية فكرة أن الجمال نوع من القوة، ونجد نتيجة لهذا عديدًا من الكتب والبرامج التي تناقش كيفية استغلال هذه القوة، أو تدعي قدرتها على منح الفتيات الخطوات المطلوبة للوصول إليها، متناسية أن هذه القوة وهمية لعدة أسباب منها: أنها لا تُعطى لشخص بناء على استحقاقه لها، كما أنها مرتبطة باعتراف الآخرين بوجودها، لذا فهي تحت تحكمهم، والأهم أنها قوة زائلة مرتبطة بالظروف.
وإحدى الوسائل التي لعبت دورًا هامًّا في نشأة هوس الجمال، هي الأفلام، إذ جادلت الناقدة البريطانية “لورا مولفي | Laura Mulvey” في السبعينيات كيف أن جوهر المرأة في المواد المعروضة كان متمثلًا فقط في مظهرها الخارجي، كأنها شيء موضوع لجذب الأنظار ومتعتها، وقولبت هذه النظرة في ما بعد ضمن إطار أكبر عُرف بنظرية التشييء، أي تحويل الإنسان وعواطفه وأفكاره ورغباته إلى مجرد جسد مادي، ويُعد التحرش أكثر تطبيقات هذه النظرية شيوعًا، إذ بينت إحصائية حديثة تضمنت نساءً من إحدى وعشرين دولة، أن ٨٥% منهن تعرضن لمضايقات جسدية أو لفظية من غرباء قبل بلوغهن السابعة عشرة من العمر.
الفكرة من كتاب هوس الجمال: كيف يؤذي الهوس الثقافي بالمظهر الفتيات والنساء
في الآونة الأخيرة انتشرت اضطرابات الشهية بشكل مبالغ فيه، بل وتحولت إلى حمية غذائية يمكن لأي مراهقة تبنيها للوصول إلى الوزن المثالي، وتزايد عدد الخاضعات لعمليات التجميل، كما ارتفعت قيمة الاقتصاد القائم على مستحضرات التجميل بشكل مهول، وفاضت منصات التواصل الاجتماعي بالنصائح الضارة للوصول إلى الشكل المثالي.
فما الذي بدأ هذه السلوكيات المتطرفة؟ وهل تحول الجمال إلى سلعة؟ وكيف يمكن للثقافة المحيطة التأثير في منظورنا تجاه الجمال؟ وكيف تؤثر المعايير الشكلية في التقدير الذاتي؟ وما الحل لمواجهة هذه الظاهرة؟ يجيب كتابنا عن هذه الأسئلة وغيرها الكثير.
مؤلف كتاب هوس الجمال: كيف يؤذي الهوس الثقافي بالمظهر الفتيات والنساء
رينيه إنجيلن: أستاذة متميزة في علم النفس في جامعة نورث وسترن، حاصلة على شهادة الدكتوراه في علم النفس العلاجي، كما ظهرت أعمالها في العديد من المجلات الأكاديمية وفي المؤتمرات، وتتم استضافتها بانتظام للمقابلات من قبل صحيفة نيويورك تايمز.
ملحوظة: لا توجد ترجمة عربية لهذا الكتاب.