نقل الإشارة
نقل الإشارة
تحيط بالخلايا العصبية مجموعة من الأغشية البروتينية، وهي عبارة عن شحوم لها طرف قطبي محب للماء، وآخر غير قطبي كاره للماء، ويكون التركيب الخاص بها مرتبًا بحيث تواجه الأطراف القطبية الأوساط المائية، في حين تواجه الأطراف غير القطبية بعضها بعيدًا عن الأوساط المائية، والطريقة الوحيدة للتأثير في الخلايا العصبية، هي من خلال التأثير في الأغشية البروتينية، وهذا ما يحدث من خلال البروتينات العابرة للغشاء، وتسمى هذه العملية نقل الإشارة، ويوجد من هذه البروتينات فئتان، هما: القنوات الشاردية، وهي عبارة وحدات فرعية مدمجة في الغشاء، ولها مسام تمتد عبره، وتعمل على تنظيم مرور الأيونات المختلفة مثل: الكالسيوم والصوديوم، والفئة الأخرى هي المستقبلات المسؤولة عن نقل الإشارة، وتبدأ عملية نقل الإشارة من خلال ارتباط ربيطة خارج خلوية بهذه المستقبلات.
يمتلك الجهاز العصبي قدرة كبيرة على التكيف، وقد وجه العلماء جهدًا كبيرًا لمحاولة فهم الآليات الجزيئية المسؤولة عن هذه الخاصية، ولفهم الظاهرة بشكل أكبر، دعنا نتخيل أنك تعرضت لإصابة بالغة في يدك، سيزيد بشكل سريع تركيز الأدينوزين ثلاثي الفوسفات، كما سيزيد معدل الإشارات العصبية التي ستنتقل إلى الحبل الشوكي، لتحفز عملية السحب الانعكاسي بعيدًا عن مصدر الألم، وبعض هذه الإشارات سينتقل إلى المهاد ليحفز عملية إدراك الألم، وبعضها الآخر إلى القزم الحسي، الذي سيعمل على زيادة الوعي بحجم الإصابة، ومن ثم يستمر الألم لأيام أو ساعات حتى الشفاء، ويساهم في هذه الظاهرة مركبان مهمان، هما: “البراديكينين | Bradykinin”، وله أدوار متعددة في بدء إشارات الألم، كما يؤدي ارتباطه بمستقبلاته إلى إنتاج مركبات “البروستاغلاندينات | Prostaglandin”، التي تؤدي إلى زيادة التحسس للألم في مكان الإصابة، والمركب الآخر هو عامل النمو العصبي، ويؤدي تحريره إلى ظاهرتين مهمتين، الأولى هي “ظاهرة الألم المخالف | allodynia”، أي الشعور بالألم نتيجة محفز لا يسبب الألم عادةً، أما الظاهرة الثانية فهي “فرط التألم | hyperalgesia”، أي الشعور بالألم الشديد نتيجة محفز يسبب ألمًا بسيطًا عادةً.
ويتضح كما ذكرنا أن الأعصاب هي المسؤولة عن الشعور بالألم، فكيف إذًا يمكن لمرضى الاعتلال العصبي الشعور بالألم؟ بدايةً يعد مرض الاعتلال أحد الإصابات المدمرة، إذ يؤدي إلى فقدان الإحساس الكلي نتيجة تمزق العصب، وفي ما يخص الألم فينشأ نتيجة عبور شوارد الكالسيوم عبر أغشية الخلية بشكل لحظي بعد عملية تمزق العصب، ويؤدي مستوى الكالسيوم المرتفع إلى تنشيط الإنزيمات، ومنها: عامل النمو العصبي الذي يعمل على تنشيط الشعور بالألم عبر المسار المعتاد.
الفكرة من كتاب الدماغ والألم.. نقلة نوعية في علم الأعصاب
قد تشعر بالدهشة إذا عرفت أن الحاسة الأهم لدينا قد لا تكون حاسة البصر، ولكنها قدرتنا على الشعور بالألم، وكما أوضحت أعوام طويلة من الأبحاث، فإن الألم هو الشعور الأكثر أهمية للبقاء على قيد الحياة، فبفضل هذا الشعور المزعج ننتبه لمسببات الضرر، ونتجنبها، كما يمثل وجوده إشارة مهمة من عقولنا إلى أهمية الذهاب إلى الطبيب، فالشعور به دلالة على وجود مشكلة ما، والأمراض الأكثر فتكًا هي تلك المخادعة التي لا تحفز الشعور بالألم.
فما هي فسيولوجيا الشعور بالألم؟ وكيف تستجيب أجسادنا له؟ وما هي طرق العلاج الحالية؟ وما هو مستقبل الألم؟ يجيب كتابنا عن هذه الأسئلة وغيرها الكثير.
مؤلف كتاب الدماغ والألم.. نقلة نوعية في علم الأعصاب
ريتشارد أمبرون: هو أستاذ بارز في علم الأمراض، وعلم الخلايا في كلية الأطباء والجراحين في جامعة كولومبيا، ولمدة أربعين عامًا، تولى إدارة مختبر يبحث في الأسس الجزيئية لإعادة تجديد الأعصاب، والمسارات الجزيئية المسؤولة عن الألم.
معلومات عن المترجم:
إيمان معروف: طبيبة صَيْدَليَّة، سورية الجنسية، لها العديد من الترجمات المشهورة، ومنها:
النصف المتلاشي.
الحياة الخالدة لهنرييتا لاكس.