تركيب الألم
تركيب الألم
يُعد الألم شعورًا توجيهيًّا، إذ نتعلم خلال طفولتنا عن الأشياء التي من الممكن أن تؤذينا، مثل: لمس موقد ساخن، كما أنه شعور ضروري، إذ نستطيع بفضله الاستجابة للإصابات، ومنع المزيد من الضرر، والأهم أنه شعور تكيفي، إذ تختلف شدة الألم ومدته، باختلاف الإصابة والحالة النفسية والجسدية عند التعرض لها، وتتم الاستجابة لهذا الشعور من خلال الخلايا العصبية، التي تمكننا من الانتباه للآفة أو الإصابة الضارة من خلال الألم، وكان ظهور هذه الخلايا واحدًا من أبرز أحداث التطور، إذ يعد أساسيًّا للنجاة لدى الحيوانات وحتى البشر.
ويتكون الجهاز العصبي لدى علماء التشريح من جزأين، هما: الجهاز العصبي المركزي، ويشمل المخ والحبل الشوكي. والجهاز العصبي المحيطي، ويتكون من الأعصاب التي تنبثق من الجهاز العصبي المركزي، وتتوزع في جميع أنحاء الجسم، كما أن عددها ثابت، وتُصنف حسب المكان الذي تخرج منه، إذ ينشأ من الدماغ اثنا عشر زوجًا من الأعصاب القحفية، وواحد وثلاثين زوجًا من الأعصاب الشوكية، وينشأ من كل فرع من الأعصاب على طول مساره العديد من الفروع الصغيرة التي تتوزع على الباحة الجلدية، وفي القرن الثامن عشر وجد العلماء أن هذه الأعصاب عبارة عن مسار مزدوج، إذ تحمل المعلومات من البيئة الخارجية -مثل: الألم والحرارة- إلى الجهاز العصبي المركزي، وتتلقى المعلومات عن ردود الفعل المطلوبة من الجهاز العصبي المركزي في المسار نفسه، كما لاحظوا أن العضلات تُصاب بالشلل حين ينقطع العصب المسؤول عنها، ولكنهم عجزوا عن تحديد البنية الأساسية المسؤولة عن نقل المعلومات الواردة في الجهاز العصبي.
ومع ظهور تقنيات التشريح العصبي المجهري، تمكن العلماء من تمييز نوعين من الخلايا العصبية، النوع الأول: الخلايا العصبية الحركية، وتوجد على امتداد العضلات، وهي التي تؤدي إلى الاستجابات العضلية المختلفة مثل: تقلص العضلات، أما النوع الثاني فهو الخلايا العصبية الواردة، وتختلف اختلافًا جذريًّا عن الخلايا العصبية الحركية من ناحية الخصائص الهندسية والكهربية، كما تمتلك القدرة على تمييز الأحاسيس المختلفة، مثل: الألم واللمس، وذلك لأن الإحساس لا يعتمد على المنبه، بل على نوع الخلايا العصبية التي تستجيب للمنبه، إذ توجد خلايا واردة متخصصة للاستجابة للشعور بالألم، وأخرى للضغط، وسنركز بشكل أكبر على العصبونات الواردة التي تستجيب للألم، ويوجد منها نوعان: النوع الأول هو دلتا، ويوفر الاستجابة اللحظية، والنوع الثاني هو النمط C، وهو المسؤول عن الشعور المستمر بالألم.
الفكرة من كتاب الدماغ والألم.. نقلة نوعية في علم الأعصاب
قد تشعر بالدهشة إذا عرفت أن الحاسة الأهم لدينا قد لا تكون حاسة البصر، ولكنها قدرتنا على الشعور بالألم، وكما أوضحت أعوام طويلة من الأبحاث، فإن الألم هو الشعور الأكثر أهمية للبقاء على قيد الحياة، فبفضل هذا الشعور المزعج ننتبه لمسببات الضرر، ونتجنبها، كما يمثل وجوده إشارة مهمة من عقولنا إلى أهمية الذهاب إلى الطبيب، فالشعور به دلالة على وجود مشكلة ما، والأمراض الأكثر فتكًا هي تلك المخادعة التي لا تحفز الشعور بالألم.
فما هي فسيولوجيا الشعور بالألم؟ وكيف تستجيب أجسادنا له؟ وما هي طرق العلاج الحالية؟ وما هو مستقبل الألم؟ يجيب كتابنا عن هذه الأسئلة وغيرها الكثير.
مؤلف كتاب الدماغ والألم.. نقلة نوعية في علم الأعصاب
ريتشارد أمبرون: هو أستاذ بارز في علم الأمراض، وعلم الخلايا في كلية الأطباء والجراحين في جامعة كولومبيا، ولمدة أربعين عامًا، تولى إدارة مختبر يبحث في الأسس الجزيئية لإعادة تجديد الأعصاب، والمسارات الجزيئية المسؤولة عن الألم.
معلومات عن المترجم:
إيمان معروف: طبيبة صَيْدَليَّة، سورية الجنسية، لها العديد من الترجمات المشهورة، ومنها:
النصف المتلاشي.
الحياة الخالدة لهنرييتا لاكس.