مُمارسة التعافي
مُمارسة التعافي
تنص القاعدة على أنه “لا تعافي دون كتابة، ولا شفاء دون تدوين”، فالكتابة بالغة الأهمية في التعافي، لأنها تساعد على نقل الأفكار إلى العالم الخارجي ورؤيتها بموضوعية وإعادة قراءتها وتدقيقها، وتتضح أمام المتعافي على الورق فيتعامل معها وتتحرر بعض طاقته لأداء مهامه اليومية، ويهدأ التفكير المُفرط واسترجاع الذكريات والآلام.
يحاكي الإنسان داخليًّا البيئة المحيطة به، وترتيب هذه البيئة ينعكس على الترتيب الداخلي، أما الفوضى والجدول غير المنتظم والعشوائية أمور تَضُرُّ بالتعافي، ولذلك ينبغي ترتيب البيئة المحيطة، والتخلي عن مراكمة الأشياء والتخلص منها، والاعتناء بالحياة الشخصية كالصحة والمظهر والمنزل، وقضاء بعض الوقت يوميًّا في وضع الأشياء في أماكنها، فيصبح الترتيب والتنظيم عادة تغطي الحياة الداخلية والخارجية، ويرتبط بالترتيب القيام بالمهام المؤجلة التي سَبَّبَ التسويف تراكمها، عن طريق حصر تلك المهام وإنهاء واحدة منها أسبوعيًّا على الأقل.
تحدث الانتكاسة عندما يكون المدمن وحيدًا، إذ توجد علاقة طردية بين الانتكاسات وبقائه وحيدًا، ولذلك من المهم التغلب على حالة الوحدة والاغتراب وشغل نفسه بالاجتماع مع الناس لئلا يترك فرصة لسيطرة أفكاره عليه.
يحتاج المدمن إلى الاعتناء بنفسه وتجديد علاقته بالمتعة والمرح، فيُعَرِّضُ نفسه تدريجيًّا للمتع البسيطة ويحاول تذوقها لتحل محل لذة الإدمان، وذلك بشكل يومي أو شبه يومي، مع بذل الجهد والصبر حتى تستعيد مستقبلات الدماغ قدرتها على الإحساس بالمتع الصغيرة.
ينبغي للمدمن أن يدرب نفسه على البقاء في حالة ذهنية تسمى «اليقظة»، وتعني الحضور الكامل في اللحظة الحالية دون خوف أو حكم أو رغبة في التغيير، وتشمل حضورًا في الجسد وفي الواقع ووعيًا بالمثيرات التي تستقبلها الحواس، والهدف هو التحول من الغفلة والتلقائية إلى الوعي والإرادة والاختيار، وكلما زادت اليقظة الذهنية قل الانصياع للاستحواذ والوقوع في الانتكاس، سكنت الصراعات الداخلية.
الفكرة من كتاب ممتلئ بالفراغ: تأملات حول التعافي من الإدمانات والسلوكيات القهرية
كيف تنظر إلى المدمن ومعاناته؟ هل تعتقد أن كل ما يحتاج إليه المدمن قليل من الإرادة كي يتخلص من إدمانه وتستقر حياته؟ إن الإدمان أعمق من ذلك، وعلى العكس، ستفاجأ بمعرفة أن البناء النفسي للمدمن يحمل كثيرًا مما يعرفنا على شخصيته ومعاناته، إذًا لنفك شفرة الإدمان.
مؤلف كتاب ممتلئ بالفراغ: تأملات حول التعافي من الإدمانات والسلوكيات القهرية
عماد رشاد عثمان: طبيب نفسي وكاتب، ولد عام ١٩٨٦م، حاصل على بكالوريوس الطب، وباحث ماجستير في أمراض المخ والأعصاب والطب النفسي، مهتم بالفلسفة واللغة والأدب والتحليل النفسي، وجمع بين اهتماماته فحصل على ليسانس اللغة العربية والثقافة الإسلامية من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، ويقدم سلسلة بعنوان «فَهم التعافي» على منصة اليوتيوب وغيرها من الفيديوهات يُعين فيها المدمنين على خوض الرحلة ويوجههم فيها.
ومن أعماله:
أحببت وغدًا: التعافي من العلاقات المؤذية.
أبي الذي أكره: تأملات حول التعافي من إساءات الأبوين وصدمات النشأة.