قوة المبادئ الروحية في التعافي
قوة المبادئ الروحية في التعافي
ينطوي التعافي على الالتزام بعدة مبادئ روحية، أولها: التسليم “خطوة التعافي الأساسية” وتتضمن الاعتراف بالعجز، مما يؤدي إلى اليأس وإعلان الهزيمة أمام الإدمان، إذ إن جميع محاولات الإدارة الذاتية للإدمان تبوء بالفشل وكل خسارة تعقبها خسارة أشد، وبدلًا من مقاومة الإدمان أو الاستسلام له، يختار التسليم ويعترف بالعجز، فلا يتعرض لما يثير لديه الحساسية، ويتحرر من سيطرة الفكرة فيراقبها، وينفصل عنها ولا يعطي لها تلك الأهمية، ويخرج من حالة الإنكار، ثم يشارك تلك الأفكار مع شخص آخر، فيتمكن من إدارة المرض.
ينشأ عن التسليم مبدأ آخر، وهو مبدأ لليوم فقط: قد يبدو التعافي رحلة شاقة طويلة المدى، ولذلك فالتركيز على الخطوات القادمة يؤدي إلى الزلل، ولتخفيف عبء الوقت يهتم المدمن بالحفاظ على تعافيه ليوم واحد، ويستيقظ من نومه واضعًا في اعتباره أن كل ما عليه هو التماسك اليوم فقط حتى ينام مساءً، ثم يجدده في اليوم التالي، فيصبح التعافي ممكنًا ويَسْهُل الالتزام.
يوجد مبدأ روحي آخر وهو الحكمة في ممارسة القبول أو الشجاعة: تتضمن الحياة نوعين من الأمور، أمور لا يمكن تغييرها، تحتاج إلى القبول والتسليم لإرادة الله ومشيئته والدعاء والتوكل، وأمور أخرى يمكن تغييرها، تتطلب التمسك بالشجاعة والسعي وبذل الجهد، والحكمة هي التي تَهدِي إلى الفرق بينهما، فالشجاعة في الأمور غير القابلة للتغيير تضييع للجهد والطاقة، وقبول الأمور القابلة للتغيير خضوع واستسلام، ولذلك تبدأ اجتماعات زمالات المدمنين وتنتهي بدعاء السكينة، ويردده المدمن كلما ساءت حالته فيقول:
اللهم امنحني السكينة لأتقبل الأشياء التي لا أستطيع تغييرها، والشجاعة لأغير الأشياء التي أستطيع تغييرها، والحكمة لمعرفة الفرق بينهما.
الفكرة من كتاب ممتلئ بالفراغ: تأملات حول التعافي من الإدمانات والسلوكيات القهرية
كيف تنظر إلى المدمن ومعاناته؟ هل تعتقد أن كل ما يحتاج إليه المدمن قليل من الإرادة كي يتخلص من إدمانه وتستقر حياته؟ إن الإدمان أعمق من ذلك، وعلى العكس، ستفاجأ بمعرفة أن البناء النفسي للمدمن يحمل كثيرًا مما يعرفنا على شخصيته ومعاناته، إذًا لنفك شفرة الإدمان.
مؤلف كتاب ممتلئ بالفراغ: تأملات حول التعافي من الإدمانات والسلوكيات القهرية
عماد رشاد عثمان: طبيب نفسي وكاتب، ولد عام ١٩٨٦م، حاصل على بكالوريوس الطب، وباحث ماجستير في أمراض المخ والأعصاب والطب النفسي، مهتم بالفلسفة واللغة والأدب والتحليل النفسي، وجمع بين اهتماماته فحصل على ليسانس اللغة العربية والثقافة الإسلامية من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، ويقدم سلسلة بعنوان «فَهم التعافي» على منصة اليوتيوب وغيرها من الفيديوهات يُعين فيها المدمنين على خوض الرحلة ويوجههم فيها.
ومن أعماله:
أحببت وغدًا: التعافي من العلاقات المؤذية.
أبي الذي أكره: تأملات حول التعافي من إساءات الأبوين وصدمات النشأة.