بين المهارة والوظيفة
بين المهارة والوظيفة
إنّ البرمجة ليست مُجرّد وظيفة يُمكن تعلمها للكسب، بل هي مهارة تؤثر في طريقة التفكير في الحياة عامّة، وتُساعِد بشكلٍ غير مُباشر في إنجاز الأعمال بشكل أسرع من الذين لا يمتلكون هذه المهارة، وهي في أصلها بمنزلة جِسر واصِلٍ بين الإنسان والآلة، إذ إنّ الأساس المعرفي الذي يقوم عليه التطوير البرمجيّ هو الخوارزميّات | Algorithm وسُمّيت بهذا الاسم نسبةً إلى العالِم المُسلم مُحمّد بن موسى الخوارزميّ، فقد وضع قواعد رياضيّة منطقيّة مُتسلسلة للوصول إلى حلٍّ للمشكلات الرياضيّة المعقدة، واستُخدِم هذا التدرّج المنطقيّ بالمِثل في البرمجة لتحسين الأداء، وتكمن أهميّة تعلّم البرمجة في زيادة فرص الفرد على التأقلم مع المُستقبل، إذ إنّ أغلب التنبؤات تشير إلى أنّ الوظائف البشرية ستقل وستحلّ محلّها الآلات
ويُعدّ المُحرّك التحليليّ -الذي اخترعه العالم “تشارلز بابيدج | Charles Babbage” عام 1834م- أول حاسوب اختُرِعَ في التّاريخ، وكان يُبرمج يدويًّا عبر ما يُسّمى بالبطاقات المُنبثقة | Punched cards، أمّا أول حاسوب قابل للبرمجة فقد اختُرِعَ بعد قرن من قِبَل المُهندس الألمانيّ “كونراد زوسه | Konrad Zuse”، وكان بمنزلة طفرة تكنولوجيّة في القرن العشرين، وكان ذلك عام 1941 م، وقد ظهرت لغات الجيل الأوّل والثاني من البرمجة قُبيل خمسينيّات القرن الماضي، وكانت قائمة على النظام الثُنائي | Binary system، أي تلقّي الأوامر من خلال الرقمين: الصفر (ويعني انقطاع التيار) والواحد (ويعني اتصال التيّار)، ثم ظهرت لغات الجيل الثالث والرابع التي عالجت صعوبة التكويد وسعت إلى إصلاح الأعطاب في لغات الجيل الأول والثاني، فبدأ هذا الجيل بلغة الفورتران | Fortran ثم تتابعت اللغات إلى لغة “ليسب | lisp”
و”ألجول 58 | Algol 58″، ثم لغة “الكوبول | cobol”، وقد تنامى الاهتمام بالبرمجة مع مرور الزمن بسبب الإحصاءات التي تقول إنّهُ بحلول عام 2025م سيكون عدد الوظائف الشاغرة للمُبرمجين 1.4 مليون وظيفة شاغِرة في مُقابل 400 ألف طالب حديث التخرّج فقط، لذا فالبرمجة أصبحت تُعدّ من أهم الوظائف حاليًّا ومُستقبلًا، وقد انقسمت مجالات البرمجة ثمانية مجالات رئيسة، ويتفرّع منها عديد من التخصصات، وهي: برمجة الويب، والهواتف الذكيّة، وتطبيقات الكمبيوتر/ المكتبة، والألعاب، وقواعد البيانات، والروبوتات، وعلم البيانات | Data Science، وذكاء الأعمال | BI، والذكاء الاصطناعي | AI، وفي ما يلي استطراد توضيحيّ للّغات البرمجيّة المُستخدمة وبعض مجالات التخصص في هذه المجالات
الفكرة من كتاب طريقك للبرمجة: ما هي البرمجة؟ ولماذا؟ أين أبدأ؟ ماذا أتعلم؟
هذا الكِتاب طريقٌ عامٌّ مرسوم لكلّ راغبٍ في الالتحاق بركبِ عالم البرمجيّات، وعلى عكس المتوقّع فهذا الكِتاب ليس مكونًا من شروحاتٍ لطريقة كتابة الأكواد البرمجيّة، بل هو بمنزلة خارطة توضيحيّة وتفصيليّة للمُضيّ قُدمًا في مسار التعلّم البرمجيّ، وتعريف بالخطوات الأولى والمُفردات البرمجيّة الشائعة، ولا يهم إن كنت بدأت بتعلّم البرمجة بالفعل أو ما زِلتَ على الضِّفاف حتى تستطيع الاستفادة من هذا الكتاب، والبرمجة في مُجملها سبب وجودها الرئيس هو رفع الكفاءة البشرية بالإضافة إلى تقليل النفقات الماليّة وتوفير الوقت الإنتاجيّ، ومُحاولة الوصول إلى النموذج الأمثل في الجمع بينهم مما يحتاجُ إلى تطوير دائم للأداء والمعرفة، وسنتعرف على البرمجة وماهيتها والكثير عنها في السطور القادمة.
مؤلف كتاب طريقك للبرمجة: ما هي البرمجة؟ ولماذا؟ أين أبدأ؟ ماذا أتعلم؟
أحمد طرطور: مُبرمج مصريّ حصل على شهادة البكالوريوس من جامعة الزقازيق من كليّة التربية الرياضيّة، امتهنَ البرمجة بعد تخرّجهِ في الجامعة وتحويل مسار عملِه من التدريب الرياضيّ، ودرَّس البرمجة في معهد القوات المسلّحة الذي تخرّج فيه، وحصل على دبلوم في الدراسات العليا من الجامعة العربية للعلوم والتكنولوجيا، وقد درَّس عديدًا من الطُّلاب خارج المعهد في عدّة شركات وأكاديميّات محلّية ودوليّة.