الجري في عصور أوربا الوسطى والأمريكيون الأصليون
الجري في عصور أوربا الوسطى والأمريكيون الأصليون
تقول أسطورة في أيرلندا إن الرجال فيها يسبقون الخيول، قد تزول الغرابة عن تلك الأسطورة إذا علمنا أن الخيول الأيرلندية تمتاز بالبطء وضخامة الحجم، ولكن الجري استمر في صناعة الأساطير، وكان الطرف الأهم في المهرجانات الشعبية التي تتعالى فيها أصوات الضحك بجانب صرخات الفوز، التي تُقام على شرف الملوك ويبرز منها العداؤون الممتازون، وتتاح لهم فرصة الالتحاق بالقراصنة، الذين كانوا مصدر فخر لأمتهم، حتى اشتهرت الدول الإسكندنافية في أوربا بأسبقية عدائيها.
وبجوارها كانت بريطانيا تصنع ثقافتها الخاصة بالجري، وفي قلبها سباقات المراهنات، واشتهر أسطورتها “بريستن” بالفوز، إلى أن لقّب بالسفاح، وكان دائم التنكر والتنقل من مدينة إلى أخرى، يعمل في وظائف هامشية ليختفي عن أعين العارفين، ويستمر في الفوز في السباقات وكسب أموال المراهنات، كما قيل إن الإنجليز مصابون منذ زمن بعيد بحمى المراهنات، لدرجة أنهم يراهنون على أي شيء مهما بدا غريبًا، كالمراهنة على ركض امرأة عجوز، وسط تعنت شعبي وأمني من ركض النساء في السباقات الشعبية، ولكن يحسب لهم السبق في قياس زمن الجري الذي يعد بداية منحنًى جديد في تاريخ الركض، فمنذ القرن السادس عشر لم يعد العداء ينافس الراكضين بجانبه فقط، بل والزمن أيضًا.
حتى مهمّشو التاريخ ركضوا، فالهنود الأوائل -سكان أمريكا الأصليون- طاردوا فرائسهم، وقدسوا الركض، وآمنوا بأنه يخلق عقلية وجسدًا جديدين، كما أنهم كافحوا الإسبان الغزاة متخذين الجري سلاحًا خاطفًا يستخدمونه في أي ظروف، تحت شمس حارقة أو على جليد أبيض، ولم يتوقف التنافس بينهم إلا بعدما حصدتهم بنادق الغزاة.
الفكرة من كتاب الجري: تاريخ غير تقليدي
متى بدأ الإنسان في الجري؟ لا توجد إجابة أكيدة، فالجري قديم قدم الإنسان نفسه، ولم ينحصر في حضارة دون أخرى، فلقد ركض الفراعنة والسومريون، وتسابق العداؤون اليونانيون في الساحات الأولمبية، حتى أوربا وآسيا لم تسلما من عدوى الركض.
سَنَجُوب قارات العالم القديم والحديث لنسمع الحكايات الشعبية عن الركض، ونكتشف الأساطير المرتبطة به، ونفهم لماذا قدس القدماء الجري، ونعلم كيف أضفت جميع الثقافات لمستها الخاصة على الجري، وماذا مثّل لهم، وما المراحل التي مر بها حتى أصبح وسيلة لكسب المال، ومدى إمكانية أن يغيّر الجري من حياتك.
مؤلف كتاب الجري: تاريخ غير تقليدي
ثور جوتاس: هو مؤرخ فلكلوري نرويجي، ولد في برومندال عام 1965م، يعمل محررًا رياضيًّا ومعلقًا للأحداث الرياضية على التلفزيون النرويجي، وقد شارك أيضًا في عديد من الفاعليات الرياضية الكبرى حول العالم، بالإضافة إلى أنه ألقى المئات من المحاضرات على مدى السنوات العشرة الماضية في عديد من السياقات المختلفة، كما أنه أعطى صوتًا لأحد عشر مسلسلًا إذاعيًّا حول مواد كتابه الخاصة.
ويعد ثور جوتاس من أهم الكتاب في مجال الركض، وله تأثير كبير في المجتمع الرياضي النرويجي والعالمي، وقد ألَّف عديدًا من الكتب التي تناولت تاريخ الركض منذ أيام الإغريق القدماء حتى العصر الحديث، ومن أشهر كتبه:
Magnus
Brødrene kvalheim – to løperliv
Taterne – livskampen og eventyre
معلومات عن المترجمة:
نادين الخطيب: مترجمة ورسامة سورية، ولدت في دمشق عام 1977م، حصلت على درجة البكالوريوس في الهندسة المعمارية من جامعة دمشق، ثم درست الترجمة في جامعة البعث في حمص، وعملت مترجمة للغات الإنجليزية والفرنسية والإسبانية، وأيضًا رسامة للكاريكاتير والرسوم المصورة، قدّمت أعمالها في معارض فنية دولية، وحصلت على جوائز عديدة عن أعمالها الفنية، ومن الأعمال التي شاركت في رسمها: بعض أعمال سلسلة صديقي شوشو.