لا تحدثني عن ذكائك، دعني أَراهُ في تصرفاتك
لا تحدثني عن ذكائك، دعني أَراهُ في تصرفاتك
المحور الأخير من محاور الذكاء العاطفي هو التصرفات، فالشخص الذكي عاطفيًّا يصرف أفكاره ومشاعره ويحسن إدارتهما لتكون تصرفاته أنيقة بعيدة عن التعصب أو إصدار أحكام متسرعة، وتوجد بعض التصرفات تفضح ما بداخلك، فمثلًا اختيار الكلمات وكيفية ترتيبها في جملة يؤثر تأثيرًا فعالًا في مجموع المحتوى المراد توصيله، والشخص الكاريزماتي يستبصر خطورة ذلك، فالأذكياء عاطفيًّا يميلون إلى استخدام كلمات مريحة ومبهجة لأن زاوية رؤيتهم متجهة دائمًا إلى استخلاص المعاني الإيجابية من كل شيء.
الشخص الكاريزماتي يعيد صياغة الجمل لأن من المفترض أنه شخص إيجابي ومتصالح، فلا يستخدم مثلًا كلمة “مشكلة” لما لها من تأثير سلبي خفي في النفوس ويستبدل بها ما هو مناسب حسب طبيعة الموقف، كما أنه يبتعد عن استخدام كلمات أجنبية عندما يتحدث مع أشخاص جُدد، لأنه من المحتمل ألا يكون الآخرون متقنين لتلك اللغات.
الشخص الذكي عاطفيًّا لا يأخذ الأمور على محمل شخصي، ولا يفسر كل كلام يقال كأنه المقصود به، فالشخص الذي يأخذ الأمور بشكل شخصي يصاب بما يسمى الضباب الدماغي Brain fog، وهي حالة من فوضى الأفكار تصيب الدماغ فتفقده مهارة الرد المنطقي الهادئ.
ومن المهارات الجوهرية لاكتساب الذكاء العاطفي، حسنُ استخدام العاطفة وإدارتها، فالشخص الذي يتعلق مرضيًّا بالآخرين، على اختلاف درجة قرابتهم، شخص يخشى الوحدة والهجران لأنه لا يكتفي بذاته ولا يدعمها ويعاني دائمًا الشعور بالنقص، ولتجنب مواجهة تلك المخاوف يضطر دائمًا إلى كسب مودة الآخرين واحترامهم ولو على حساب حدوده النفسية، كل هذا الصخب العاطفي ينعكس على تصرفات الشخص ويجعله في نقطة بعيدة تمامًا عن كونه ذكيًّا عاطفيًّا ومؤثرًا في الآخرين.
الذكاء العاطفي يكمن في التوسط والاعتدال في العواطف، فلا تجعل باب قلبك مفتوحًا على مصراعيه فتكن معرضًا لاستغلال الناس، ولا تغلقه بالكامل في وجوههم، فتنغلق على نفسك وتعيش تعيسًا.
الفكرة من كتاب هل أنت غبي عاطفيًّا؟ رحلة التغيير لفهم نفسك، وتحسين علاقتك بالآخرين.
هل سألت نفسك يومًا ما سر الشعور بكيمياء وألفة عند مقابلة بعض الأشخاص لأول مرة، ومع بعض الأشخاص يحصل النقيض تمامًا مهما اختلف زمن اللقاء أو طريقته؟
إن المتحكم الخفي وراء تلك المواقف التي نمر بها وشبيهاتها هو “الذكاء العاطفي”، ذلك المسؤول عن 80% من درجة وسرعة نجاحك المجتمعي والعاطفي والمهني، بينما يكون الذكاء الكمي -المتمثل في قدرتك على الحفظ والاسترجاع والنجاح المهني- مسؤولًا عن 20% فقط من نجاحك في الحياة.
لذا نحن بحاجة إلى معرفة مفاتيح الثمانين في المئة تلك التي ستفتح لنا أبواب النجاح، وتُعيننا على فهم مشاعرنا ودوافعنا التي تنعكس على حضورنا وكلماتنا وسلوكياتنا في علاقتنا بأنفسنا وبالآخرين.
مؤلف كتاب هل أنت غبي عاطفيًّا؟ رحلة التغيير لفهم نفسك، وتحسين علاقتك بالآخرين.
نانسي صميدة: استشارية نفسية، ومدربة، وممارسة معتمدة لعلم البرمجة العصبية اللغوية، وحاصلة على دبلوم الإرشاد النفسي والاجتماعي من جامعة “سيجموند فرويد” بالنمسا. اختِيرَت للعمل التطوعي عام 2012م سفيرةَ اندماج ونموذجًا للمغتربين بأوربا من قبل “وزارة الاندماج والعمل” بفيينا، ومن خلال عملها سفيرةً للاندماج بفيينا، نشرت الوعي، وقدمت ورشًا وندوات لتحفيز المغتربين والمغتربات لاكتساب الثقة بالنفس والإيمان بدورهم كجزء من المجتمع.
من مؤلفاتها:
فيتامينات نفسية.