العالم والإنسان
العالم والإنسان
يعيش إنسان العصر الحالي حياته في تغير دائم يجعله في حاجة ملحة إلى أن يعيش في عالم له ديمومة ثقافية تاريخية، فالعالم المتغير باستمرار لن يستطيع تلبية احتياجات ساكنيه، والعالم الساكن بلا أي تغيير سرعان ما يذبل هو الآخر. ويؤثر سكون العالم وتغيره المستمر في البشر كافة، ولكن بطرائق مختلفة.
قد يشعر الإنسان نتيجة لذلك بالبؤس الوجودي ويحس بفناء عالمه، ولا يوجد فارق كبير إن كان واقعًا أم مجرد إحساس داخل الإنسان، فحسب الماضي طالما كان قدر العالم الخارجي مرتبطًا بالعالم الداخلي لساكنيه، ويعتمد الإحساس نفسه بشكل كبير على ما يراه ويختبره الإنسان من حوله في عالمه .
لا يمكن اعتبار العالم عالمًا إلا إذا شعر ساكنوه بالانتماء له، ولا يمكن حدوث ذلك إلا إذا شعروا من داخلهم بحب لهذا العالم، إن حب العالم يحفظه، ويحفظ ماضيه وحاضره ومستقبله، وإن لم يحظ العالم بحب ساكنيه فإنه ينتهي.
يتكون حب العالم في فترة المراهقة، من خلال العزلة التي تعزز مرحلة نمو الفرد ونضجه عن طريق الاستعانة بأدوات التعلم والتفكير والقراءة والملاحظة والتخيل، وبفضل هذه العزلة يتحول الأطفال إلى بالغين على المستوى النفسي والثقافي والتاريخي، ويتحول حب النفس إلى حب العالم، ويعد هذا صعبًا في ظل الوضع الحالي من الهوس بالتكنولوجيا وحرمان الأطفال فرصة الانقطاع عن الحياة الاجتماعية.
قد يتكون حب العالم في هذه الفترة ولكنه يفشل في البقاء نتيجة مشكلات أسرية أو تعليمية أو سلوكية خاصة بالطفل نفسه، أو ربما يخفق العالم في الحصول على حب ساكنيه، وإن لم يتعلم الطفل حب العالم في صغره فلن يكون قادرًا على حبه في الكبر وعلى المنوال نفسه يقع كل شيء، إن لم يتعلم الطفل الفن، فلن يستطيع الانغماس في حكمته في مراحل حياته اللاحقة، ولكن تبقى أخطر الأشياء، ألا يتعلم الطفل كيفية التعلم، فكيف له أن يتطور في الحياة؟
الفكرة من كتاب الشباب: العمر من منظور التاريخ الثقافي
تفيض ظاهرة العمر في الحضارة الغربية على ظاهرة جديدة مثيرة للتساؤل، وهي بروز اختلافات عظيمة بين صاحب الأربعين عامًا اليوم وصاحب الأربعين عامًا من قرنٍ مضى، وحتى من عقدٍ مضى، بل ويمكننا القول من خمسة أعوام، ومع أن صاحب الأربعين اليوم هو نفسه صاحب الأربعين بالأمس من الناحية البيولوجية والتطورية، فكيف تتخطى هذه الاختلافات العميقة الهيئة الشكلية إلى السلوك، وأسلوب الحياة، والرغبات؟ ما السر؟
يحاول الكاتب اكتشاف السر من خلال البحث في التاريخ الثقافي للعمر، مع عرض مبسط لأعمار الإنسان المختلفة. وبالحديث عن العمر، كم عمرك؟ لك كل الوقت في التفكير! لأن الإجابة ليست سهلة أبدًا!
مؤلف كتاب الشباب: العمر من منظور التاريخ الثقافي
روبرت بوغ هاريسون: يعمل أستاذًا للأدب الإيطالي في جامعة ستانفورد بكاليفورنيا، حصل على الدكتوراه في الدراسات الرومانسية من جامعة كورنيل، لديه بودكاست بعنوان (Entitles Opinions about life and literature) يشارك فيه لمحات من الحياة والأدب وما بينهما، ألف عددًا من الكتب، أهمها:
Forests: The Shadow of Civilization
Gardens: An Essay on the Human Condition
The Dominion of the Dead
معلومات عن المترجم:
شحدة فارع: يعمل أستاذًا في قسم اللغويات الأجنبية في جامعة الشارقة، حصل على دكتوراه في اللغويات من جامعة كانساس، كما عَمِل أستاذًا في قسم اللغويات والترجمة في الجامعة الأردنية، من ترجماته:
“الطفل السعيد: تغيير جوهر التعليم”، لستيفن هاريسون.
“البحث الاجتماعي”، لسوتيريوس سارانتاكوس.
“التعليم العالي في مجتمع متعلم”، لجيرولد آبس.