العواطف تصيبنا بالأمراض
العواطف تصيبنا بالأمراض
إذًا العواطف حقائق اجتماعية مبنية من أدمغتنا، فهل لها علاقة بالأمراض العصبية والنفسية؟ لو نظرنا إلى عديد من الأمراض كالقلق والاكتئاب فسنجدها تشترك في عدة خصائص وأعراض، ولهذا من الصعب الفصل بينها على المستوى الوجداني أو العاطفي، كما أننا نصبح أكثر عرضة للأمراض المزمنة كلما اختل ميزان الطاقة بأجسادنا، الذي يحدث بسبب قصور في دورة التنبؤ، فمثلًا إذا تعرضت للرفض الاجتماعي من أصدقائك ومحيطك، فستنخفض طاقتك ردَّ فعل على إحباطك، وإذا طالت تلك الفترة فسيتخذها دماغك علامةً على احتياج جسدك إلى مزيد من الطاقة في المستقبل، ويتنبأ ويحفظ مزيدًا من الطاقة، وهنا نصاب بالتوتر كرد فعل.
أما الشعور بالألم فنتنبأ به ونحاكيه بناءً على خبرة سابقة، فمثلًا إذا مررنا بألم حقن الإبر فإننا في المرة القادمة سنشعر به قبل حتى ملامسة الإبرة لجلدنا، وفي هذه الحالة يعد الألم غير موافق لمدخلات حسية صحيحة، ويمكن تصحيحه بإصلاح التنبؤ، وهذا يفسر تألمك الجسدي أو النفسي نتيجة مواقف مستقبلية تشغلك، أما القلق والهم والاضطراب فلا يوجد تصور واضح عن كيفية بنائهم واختبارهم، ولكن يعتقد العلماء أن بإمكانهم اكتشاف المزيد في السنوات القادمة.
ولم ننسَ مرض العصر الأشهر، فالاكتئاب يصنف مرضًا عقليًّا، يمكن معالجته بالأدوية، لكن الإحصاءات تشير إلى أن 70% من المرضى لا يتعافون، ولكن إذا نظرنا إليه باعتباره مرضًا عصبيًّا ومناعيًّا واستقلابيًّا، فسيمكننا التعامل معه كمفهوم يمثل اضطرابًا في التأثر الوجداني، وسنركز على تغيير المشاعر السيئة لنتمكن من تغيير الأفكار السيئة، وكالعادة يكمن الحل في كسر سوء تنظيم ميزانية الطاقة، وتكييف التنبؤات لتتوافق مع ظروفك المحيطة، وتصحيحها باستمرار.
الفكرة من كتاب كيف تُصنع العواطف.. الحياة السرية للدماغ
دائمًا ما نسمع تبريرات لأفعال خاطئة مثل “لقد أثار غضبي” أو “كنت مكتئبًا وحزينًا وقتها”، معتقدين أن عواطفنا ومشاعرنا مجرد ردود أفعال على ما حولنا، نفقد معها القدرة على التحكم في أنفسنا، فنرمي المسؤولية على تلك العواطف والمشاعر الخارجة عن السيطرة.
ولكن تلك رؤية قديمة خاطئة للعواطف والمشاعر، فهي ليست ردود أفعال انفعالية لحظية، بل يمكننا التحكم فيها، بالإضافة إلى أننا لا نولد بها كجزء ثابت مميز، ولهذا فإن الحل يكمن في فهم نظرية العواطف المبنية، لنعرف التصور الصحيح عن عواطفنا ومشاعرنا والفرق بينها، وكيف ينعكس ذلك على جوانب حياتنا المختلفة، وهل ستتغير نظرتنا إلى أنفسنا إلى الأفضل أم لا.
مؤلف كتاب كيف تُصنع العواطف.. الحياة السرية للدماغ
ليزا فيلدمان باريت: عالمة نفس وأعصاب أمريكية من أصل كندي، ولدت في تورونتو عام 1963م، وحصلت على الدكتوراه في علم النفس الإكلينيكي عام 1992م، تعمل بروفيسورة علم النفس في جامعة North Eastern حيث تشارك في إدارة مختبر العلوم الوجدانية المتعددة التخصصات، بالإضافة إلى عملها محاضِرة في كلية الطب بجامعة هارفارد، توصف بأنها أهم عالمة في مجال العواطف والمشاعر البشرية، وحصلت على عديد من الجوائز مثل جائزة Pioneer لمدير المعاهد الوطنية للصحة، بجانب جائزة المعلم لجمعية العلوم النفسية، أما عن أعمالها فتنشر مقالات بانتظام وتظهر في البودكاست والعروض الإذاعية لتبسط العلوم للجمهور، ولها كتاب آخر بعنوان:
سبع دروس ونصف حول الدماغ.
معلومات عن المترجم:
إياد غانم: مترجم له عدة أعمال، وهي:
كيف وصلنا إلى الآن.
كما شارك في تأليف كتاب: كيمياء الحياة.