العواطف وطرائق التعبير عنها ليست واحدة
العواطف وطرائق التعبير عنها ليست واحدة
هل تستطيع التمييز بين شعورك بالقلق أو الاكتئاب؟ ماذا عن السعادة والابتهاج؟ ما الفارق بين حزنك واستيائك؟ تسمى القدرة على تحديد مشاعرك أو عواطفك بالتمايز العاطفي، وتفترض النظرية الكلاسيكية للعواطف وجود بصمة ثابتة مميزة لكل عاطفة، وتدل عليها تعابير وجوه محددة، فمثلًا يعبّر الوجه المبتسم عن السعادة، على عكس الوجه المتهجم الدّال على الحزن، لكن عدة تجارب أثبتت أن الناس لا يستطيعون التمييز بين عواطفهم بوضوح، ولكن الاستنتاج الأكثر إثارة هو عدم وجود بصمة خاصة بكل شعور أو عاطفة، وحتى لا يُشترط تعبير محدد عن العواطف، فالغضب يمكن أن يثير التقطيب أو الشتم أو الابتسام.
كيف علمنا ذلك؟ ببساطة قاست التجاربُ حركات الوجه التعبيرية للمشاركين عند تعرضهم لمواقف عاطفية مختلفة، وحصلوا على نتيجة مفادها تنوع الأشكال التعبيرية للشعور، وأن الرموز المحددة للعواطف هي مجرد صورة نمطية كيّفها العلماء بالخطأ للحصول على بعض النتائج التأكيدية للنظرية الكلاسيكية للعواطف، التي رسخت مسؤولية بعض أجزاء الدماغ عن تشكيل العواطف، وهو أيضًا اعتقاد غير صحيح، فقد أثبت علم الأعصاب أنه لا يمكننا الإشارة إلى جزء محدد في الدماغ وادعاء أنه يسبب الحزن، وذلك عن طريق تجارب أُجريت على أشخاص لديهم بعض الأجزاء التالفة في الدماغ، بجانب تجارب الرنين المغناطيسي الوظيفي الذي أثبت تعدد الأنشطة الدماغية وتداخلها.
لنوضح الأمر ببساطة شديدة، لكي تشعر بالخوف فإن عديدًا من الأجزاء الدماغية والعصبونات تتداخل بعضها مع بعض لتخاف، ولا توجد طريقة محددة للشعور به، فللدماغ طرائق عديدة لإنتاج العاطفة نفسها، وتعمل عصبوناته بالطريقة الارتكاسية، بشعار الكثرة من أجل واحدة، أي العديد منها تستهلك للحصول على شعور واحد.
الفكرة من كتاب كيف تُصنع العواطف.. الحياة السرية للدماغ
دائمًا ما نسمع تبريرات لأفعال خاطئة مثل “لقد أثار غضبي” أو “كنت مكتئبًا وحزينًا وقتها”، معتقدين أن عواطفنا ومشاعرنا مجرد ردود أفعال على ما حولنا، نفقد معها القدرة على التحكم في أنفسنا، فنرمي المسؤولية على تلك العواطف والمشاعر الخارجة عن السيطرة.
ولكن تلك رؤية قديمة خاطئة للعواطف والمشاعر، فهي ليست ردود أفعال انفعالية لحظية، بل يمكننا التحكم فيها، بالإضافة إلى أننا لا نولد بها كجزء ثابت مميز، ولهذا فإن الحل يكمن في فهم نظرية العواطف المبنية، لنعرف التصور الصحيح عن عواطفنا ومشاعرنا والفرق بينها، وكيف ينعكس ذلك على جوانب حياتنا المختلفة، وهل ستتغير نظرتنا إلى أنفسنا إلى الأفضل أم لا.
مؤلف كتاب كيف تُصنع العواطف.. الحياة السرية للدماغ
ليزا فيلدمان باريت: عالمة نفس وأعصاب أمريكية من أصل كندي، ولدت في تورونتو عام 1963م، وحصلت على الدكتوراه في علم النفس الإكلينيكي عام 1992م، تعمل بروفيسورة علم النفس في جامعة North Eastern حيث تشارك في إدارة مختبر العلوم الوجدانية المتعددة التخصصات، بالإضافة إلى عملها محاضِرة في كلية الطب بجامعة هارفارد، توصف بأنها أهم عالمة في مجال العواطف والمشاعر البشرية، وحصلت على عديد من الجوائز مثل جائزة Pioneer لمدير المعاهد الوطنية للصحة، بجانب جائزة المعلم لجمعية العلوم النفسية، أما عن أعمالها فتنشر مقالات بانتظام وتظهر في البودكاست والعروض الإذاعية لتبسط العلوم للجمهور، ولها كتاب آخر بعنوان:
سبع دروس ونصف حول الدماغ.
معلومات عن المترجم:
إياد غانم: مترجم له عدة أعمال، وهي:
كيف وصلنا إلى الآن.
كما شارك في تأليف كتاب: كيمياء الحياة.