مقاصد الكذب ومجالاته
مقاصد الكذب ومجالاته
للكذب مقاصد عديدة، من أشهرها إخفاء الأسرار التي تعد جزءًا أصيلًا من الخصوصية، فحجم ما نخفيه من حياتنا عن الآخرين هو حجم خصوصيتنا، أما ثاني أشهر مقاصد الكذب فهو خداع الذات لنسيان الآلام والتجارب السيئة الذاتية، والتركيز على الآمال المستقبلية، وتكوين منظور إيجابي عن الحياة، أما أشهر المجالات التي تنتشر فيها الأكاذيب فهي الحرب، وتعود جذور تأليف استراتيجيات وأساليب الخداع الحربية إلى الحضارات القديمة، مثل أعمال الخبير الاستراتيجي الصيني “سون تزو”.
وللخداع عدة استراتيجيات شهيرة، منها: أولًا: التظاهر بالضعف والهوان لتغذية الاستهتار وسوء الاستعداد لدى العدو. وثانيًا: استراتيجية الإلهاء التي طبقتها قوات الحلفاء بنجاح في الحرب العالمية الثانية، بإنشائها وحدة عسكرية كاملة وهمية من الخبراء والممثلين، بهدف صرف نظر القوات النازية عن إنزال النورماندي، وإيهامهم بأن الإنزال سيحدث عند كالييه، وبنجاحهم في ذلك كانت علامة فارقة في الصراع.
قد تكون الحرب محدودة السنوات، ولكن التجسس نشاط دائم ممتد في أوقات السلم والقتال، والهدف منه معرفة الأسرار والأكاذيب لدى الدول الأخرى، وفي الوقت نفسه مكافحة محاولاتهم لمعرفة أسرارنا، ومن أكبر المؤسسات العالمية التي تضم إدارات للتجسس ومكافحته هي FBI وCIA، ويمثلان قوة استخباراتية كبيرة من شأنها أن تغير نتيجة الحروب والصراعات على الساحة العالمية.
ولكي ندرك الدور الفارق للتجسس في الحرب، سنلقي نظرة على العميل الإسباني أرابيل، الذي عرض خدماته على بريطانيا ولكنها رُفِضت، ثم غامر وعرض خدماته على الألمان بصفته مسؤولًا إسبانيًّا، وعندما كُلِّف بمهمات، عرض نفسه على بريطانيا مرة أخرى فوُظِّف، وانطلق يمارس دوره في تزييف التقارير والمعلومات لألمانيا، وشارك في عملية التضليل الخاصة بإنزال النورماندي، ونجح في إقناع الإدارة النازية وهتلر بالوهم والأكاذيب، ومن الطريف أنه بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، كُرّم من ألمانيا وبريطانيا، وتقاضى مكافأتين ثم سافر إلى فنزويلا لبداية حياة جديدة، حتى كُشِف سره على يد مؤلف كتب الجاسوسية نايجل ويست.
الفكرة من كتاب تاريخ الكذب
هل نحب الكذب؟ بالتأكيد ستخرج الإجابة سريعة “لا”، ولكن هل نمارس الكذب؟ هنا سنتمهل قليلًا للتفكير، فقطعًا كذبنا عدة مرات، سواء للنجاة أو للحصول على أمر نريده، فلنوسع الدائرة قليلًا وننظر إلى حضارتنا، هل هي أيضًا تنجو وتنمو بالكذب؟
سيأخذنا خْوَان في رحلة عبر مجالات حضارتنا، لنرى الدور المؤثر الذي يلعبه الكذب في صناعة تفوقنا البشري، وكيف تعتمد عليه السياسة، وما آثاره في الأدب والفن، وكيف ننجو اجتماعيًّا بالكذب والخداع.
مؤلف كتاب تاريخ الكذب
خوان جاثينتو مونيوث رنخيل: فيلسوف وكاتب وروائي، ولد في إسبانيا عام 1974م، يعد من أكثر الكتاب الواعدين في إسبانيا، وأسس مدرسة Imaginadores للكتابة الإبداعية في مدريد، حاز ما يزيد على خمسين جائزة أدبية وطنية ودولية عن قصصه القصيرة، ونُشِرَت أعماله في نحو عشر دول، ومن أشهرها:
La capacidad de amar del señor Königsberg
El gran imaginador o la fabulosa historia del viajero de los cien nombres
El sueño del otro
معلومات عن المترجم:
طه زيادة: صحفي ومترجم للإسبانية، ولد في القاهرة عام 1971م، وتخرج في قسم اللغة الإسبانية بكلية الآداب جامعة القاهرة في عام 1992م، ونشر نصوصًا مترجمة من الإسبانية في عديد من المجلات والصحف المصرية منذ كان طالبًا في الجامعة، من بينها صباح الخير، وروز اليوسف، وأخبار الأدب، والأهرام العربي، عمل مترجمًا صحفيًّا في وكالة الأنباء الإسبانية (إفي) وسفارتي بيرو وإسبانيا.
من أشهر أعماله الترجمية:
رحلتي إلى مصر وسوريا وفلسطين.
ماذا يحدث في كتالونيا.