المتلازمات النفسية في إطار قانوني
المتلازمات النفسية في إطار قانوني
كان القضاة إلى وقتٍ قريب يعتمدون على أنفسهم في تفسير شخصيات المجرمين بحجة أنهم يعرفون الكثير عن النفس البشرية، إلا أنه في الآونة الأخيرة عندما تم إقحام المتلازمات النفسية والعصبية إلى الإجراءات القانونية نتجت نقلة نوعية في القوانين والأحكام؛ فالمتلازمات النفسية كثيرة للغاية، ولعلَّ أشهر ما يرتبط منها بالمجال القانوني هي متلازمة “اضطراب توتر ما بعد الصدمة”، وترجع نشأتها إلى الحرب العالمية الأولى حيث كانت جزءًا من صدمة القذيفة التي كانت تصيب الجنود ولم تكن تلقى قبولًا في البداية، بل كان الجنود المصابون بهذه المتلازمة يهربون من المعركة ويتم إعدامهم.
وتبين الأبحاث أن واحدًا من كل عشرة أشخاص يعاني تلك المتلازمة خلال حياته، وأعراضها صدمة نفسية شديدة في أعقاب حدثٍ ما، مما يؤدي إلى الشعور بالخوف الشديد أو العجز النفسي لأشهُر عدة مع محاولات مستميتة للشخص في تجنُّب أي شيء أو مكان أو شخص يذكِّره بالحادث أو يرتبط بالصدمة، بل قد يتعدَّى الأمر ذلك ويبدأ الإحساس بالتهديد مما يجعل الشخص غير آمن طوال الوقت، وتستخدم متلازمة اضطراب توتر ما بعد الصدمة بشكل كثيف في الدعاوى القضائية، ويتم إصدار أحكام كثيرة بالبراءة في قضايا قتل أو سرقة بناءً على هذا التشخيص.
والمتلازمة الثانية المشهورة أيضًا هي متلازمة المرأة المعنَّفة، وتعني أن المرأة لا تستطيع إنهاء علاقتها مع الطرف الآخر رغم أنها تعاني إيذاءً بالغًا بسبب طبيعة نفسية مكتسبة يطلق عليها “العجز ا لمتعلَّم”، أي العجز الحادث نتيجة الإحاطة بصدمات نفسية وإصابات جسدية متتالية، مما ينمي الشعور بصعوبة التخلص من ذلك الشخص المؤذي، وكثيرًا ما يكون ذلك الشعور مصحوبًا بإيحاءات من ذلك الشخص المتسلط بمدى قوته وأنه موجود في كل مكان ولن تستطيع هي أن تُفلت منه، أو مصحوبًا بعمليات ابتزاز، وبالتالي تأتي هذه الحالات إلى المحاكم في وقت متأخر، ويستند محامو هؤلاء السيدات إلى تلك المتلازمة لتفسير كل هذا التأخير وللتدليل على مدى الضرر الواقع عليهن.
وهناك متلازمات نفسية أخرى ترتبط بالنساء بصورة خاصة دون الرجال مثل متلازمة التوتر السابق للحيض، حيث يعانين اضطرابات سلوكية ونفسية في فترة ما قبل الحيض نتيجة تغيرات فسيولوجية، واستخدمت هذه المتلازمة للدفاع عن بعض النساء اللاتي اتُهمن بالقتل أو الجرائم العنيفة، وبالفعل تم تبرئتهن منها استنادًا للمتلازمة.
ويجب التنبيه إلى أن تلك المتلازمات التي ترتبط بمفهوم الصدمة لا تستلزم ارتكاب ضررٍ بالغ أو إصابات عنيفة، بل لا تتطلَّب إصابات جسدية من الأساس، وبالتالي فالتعريف القانوني للصدمة النفسية الناتجة عن الخوف والإهانات هو نفسه للناتجة عن حوادث عنيفة ما دامت الأعراض واحدة.
الفكرة من كتاب علم النفس الشرعي
إن علم النفس الشرعي هو العلم الذي يبحث في شخصيات ونفوس المجرمين محاولًا إبداء تصوُّرات محتملة لتحوُّل بعض الأشخاص دون غيرهم إلى مجرمين..
يبين الكاتب الطفرة التي حدثت بتضمين علم النفس وخبراته في المجال الشرعي والقضائي ، وبالأخص داخل المحاكم وأماكن التحقيقات، ويوضح المزايا المكتسبة من علم النفس وما أحدثه في تفسير سلوك المجرمين، وتحليل شخصياتهم بطريقة علاجية ووقائية.
مؤلف كتاب علم النفس الشرعي
ديفيد كانتر David Canter: كاتب وطبيب نفسي، ولد في الخامس من يناير عام ١٩٤٤ وتخرج في جامعة ليفربول، بدأ حياته طبيبًا نفسيًّا معماريًّا يدرس التفاعلات بين الأفراد والمباني، ويقدم الاستشارات عن تصميمات المكاتب والمدارس والسجون.
له كثير من المؤلفات في علم النفس، أهمها:
الظلال الإجرامية.
علم النفس والقانون.
علم نفس التحقيقات.
علم النفس الإجرامي.