النجاح الشامل وجوانبه الأربعة
النجاح الشامل وجوانبه الأربعة
من ضمن القيم الاجتماعية المنتشرة في حياتنا أن النجاح هو النجاح المهني فقط، ولا يهم الالتفات إلى النجاح العائلي أو الاجتماعي، ويرى الكاتب أن النجاح الحقيقي لا بد أن يكون شاملًا لكل جوانب حياة الإنسان الأربعة: العمل والفراغ والعائلة والمجتمع.
وأول جانب للنجاح هو عملنا الذي نقضي فيه أغلب أوقاتنا، ولهذا يجب علينا أن نختار من الأعمال ما يتلاءم مع ميولنا وقدراتنا، فإن لم نراعِ هذا، صار الحزن والتبرم عادة لدينا كلما ذهبنا إلى تلك الأعمال التي لا نطيقها، كما هو عادة عند تلك الوجوه التعسة التي نراها تمارس أعمالها لأن الظروف والملابسات قضت أن يصيروا في تلك الوظيفة، وإن حدث وكان هذا هو الوضع ولا يملك صاحب تلك الوظيفة التي يكرهها تغييرها في الوقت الحالي، كان الحل أن يتجه إلى شغل وقت فراغه بهواية ما، فممارسة الهواية تخلصنا من التوتر الذي تدخله علينا وظائفنا سواء كانت تناسبنا أم لا.
أما النجاح من جانب العائلة فيأتي من اختيار شريك الحياة بنجاح اختيارًا قائمًا على القيم الإنسانية لا الاجتماعية، أي إنه عند الاختيار علينا النظر إلى الجمال والذكاء والصحة والأخلاق، لا الثروة والمركز الاجتماعي، وإذا حدث وتم الاختيار وكان هناك فرق ثقافي بين الزوجين، فيمكن تجاوز هذه العقبة بارتقاء الزوج بزوجته والتحدث معها في مختلف شؤون الثقافة والمعارف، وبمرور الوقت ستهتم باهتمامات زوجها، والعكس بالعكس أيضًا للزوجة التي تجد زوجها دونها من الناحية الثقافية، وإذا نجحنا في حياتنا الخاصة صار ممكنًا النجاح في حياتنا العامة، وهذا النجاح يأتي بالحفاظ على علاقاتك بمعارفك وأصدقائك عن طريق الزيارات، وارتياد النوادي والمسارح والمطاعم، واكتساب طابع اجتماعي إن كنت ممن يفضلون العزلة والانطوائية.
الفكرة من كتاب فن الحياة
الإنسان يشبه الحيوان من الناحية البيولوجية، فكلاهما يأكل ويشرب ويتناسل، ولكن الإنسان يمتاز من الحيوان بعقله الذي يستطيع أن يسلطه على غريزته فيكبحها ويسيطر على كيفية تدفقها، بينما الحيوان تحركه غريزته دون وعي منه، وبكبح غريزته تمكن الإنسان من توجيه عقله إلى صنع الثقافة والفنون والأدب والحضارة، محولًا بهم المألوف من الطبيعة إلى شكل من أشكال الجمال نستلذ به ونزداد به استمتاعًا بالحياة.
وبالرغم من ذلك فما زال هناك عديد من الناس الذين يعيشون على الضرورات البيولوجية فقط، منساقين وراء مواريث وقيم المجتمع بشكل قائم على الغريزة والعاطفة، فهم يأكلون ويشربون ويشترون الملبس، ويستزيدون من الأموال معتقدين أنهم هكذا يعيشون حياتهم سعداء، ولكنها سعادة كاذبة تجعل أصحابها ذاهلين خاملين يكتفون بالعيش على سطح الحياة دون أن يعيشوا عمقها، دون أن يستعملوا فكرهم وعقلهم ليصلوا إلى السعادة الحقيقية التي لا تخضع لمعايير المجتمع وسعادته الزائفة.
مؤلف كتاب فن الحياة
سلامة موسى: صحفي مصري ولد عام 1887م في محافظة الشرقية، سافر إلى فرنسا وقضى فيها ثلاث سنوات التقى فيها بعديد من الفلاسفة والمفكرين الغربيين، ثم انتقل بعدها إلى إنجلترا وقضى فيها أربع سنوات يدرس الحقوق ويقرأ مؤلفات الاشتراكيين مثل كارل ماركس وغيره، وعندما عاد إلى مصر كان رائد الحركة الاشتراكية وصاحب أول كتاب عن الاشتراكية في الوطن العربي، وأصدر كلًّا من مجلة المستقبل والمجلة الجديدة، وتولى رئاسة مجلة الهلال لمدة ست سنوات، وشارك في تأسيس الحزب الاشتراكي المصري، وتُوُفِّيَ سنة 1958 عن عمر يناهز واحدًا وسبعين عامًا، تاركًا خلفه عديدًا من المؤلفات مثل:
أحاديث إلى الشباب.
الشخصية الناجعة.
الأدب والحياة.