النقد
امتلاك الملكة النقدية يُعدُّ ظاهرة نادرة جدًّا، ويجب أن يركِّز النقد على تقدير الذكاء بدلًا من التركيز على أخطاء الكُتَّاب العباقرة، فأكثر العقول ذكاءً وموهبةً لا تنجو من طبيعتنا كبشر ضُعفاء وخطائين. ومن الخطورة عقد مقارنة بين عظيمين في مجال واحد، فحينها يتجه نظر الناقد إلى ميزة معينة عند واحد منهما يفتقر إليها الآخر وبالتالي يُظلم الثاني، وكارثة التفوق العقلي تكمن في انتظار مدح الجيد من قِبل أشخاص لم ينتجوا أي شيء مُفيد.
يظهر القصور في البصيرة الناقدة في تمجيد الناس لأعمال العصور السابقة، وإهمال الأعمال العظيمة لعصرهم، حيثُ يتوقَّف تأثير العمل المميز على قدرة المُتلقي على فهمه، فأعمال أهل النبوغ لا يُقدِّرها ولا يحبها إلا من كان نابغة هو نفسه، والشهرة عملية تحدث ببطء شديد، لكننا نجد السلوان في أن الناس يتلقَّون الأحكام ممن هم أعلم منهم، فإذا كوَّن الإنسان رأيه على ما يستمتع به هو بدلًا من آراء المثقفين، لما بلغت الأعمال العظيمة الشهرة.
وللصحافة الأدبية دور كبير في الكشف عن الأعمال الرديئة والحيل التي يتبعها من يرغبون في التربُّح فقط من الكتابة، فمن الخطأ إقحام التسامح على الأدب ووصف الأعمال بغير حقيقتها من مبدأ التأدُّب، كما يجب أيضًا إزالة بدعة النقد المجهول لأنها تجعل الناقد يتنصَّل من مسؤولية كتابته، وقد تخفي كذلك تفاهة الناقد وجهله، فإن الكتابة عامة باسم مستعار هي ملاذ أحط الأشكال الأدبية والصحفية.
الفكرة من كتاب فن الأدب: مختارات من شوبنهاور
يكشف هذا الكتاب عن جانب مُختلف من الفيلسوف المتشائم شوبنهاور، وهو جانب الناقد الأدبي، وإن لم يخفت تشاؤمه وحِدَّته، ويحلِّل شوبنهاور في هذا الكتاب المشهد الأدبي من خلال ثمانية محاور تُمثِّل دليلًا لأي كاتب أو ناقد يرغب في التفوُّق لأن هذه المحاور ما زالت تبلغ نفس الدرجة من الأهمية الآن كما كانت وقت كتابتها.
مؤلف كتاب فن الأدب: مختارات من شوبنهاور
آرثر شوبنهاور: فيلسوف ألماني وناقد أدبي، اشتهر بآرائه وفلسفته التشاؤمية، ودرس الفلسفة بجامعة جوتنجن، ثم انتقل إلى جامعة برلين حيث حصل على درجة الدكتوراه عن رسالته المُعنونة: “الأصول الأربعة لمبدأ السبب الكافي”.
من مؤلفاته: “فن أن تكون دائمًا على صواب”، و”العالم إرادةً وتمثلًا” و”فن العيش الحكيم”.
معلومات عن المترجم:
شفيق مقار: كاتب وباحث وصحافي وإذاعي مصري نشرت كتاباته في مختلف العواصم العربية، وبُثَّت برامجه الإذاعية من القاهرة ولندن.
من ترجماته: “أبناء وعشاق”، و”الأم شجاعة وأبناؤها”.